للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨] وروى ابنُ عَباسٍ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «ليسَ على المُسلِمِ جِزيةٌ» (١) رَواه الخَلَّالُ وذكَرَ أنَّ أحمدَ سُئلَ عنه فقالَ ليسَ يَرويه غيرُ جَريرٍ، قالَ أحمدُ: وقد رُوي عن عُمرَ أنَّه قالَ: إنْ أخَذها في كَفِّه ثم أسلَمَ ردَّها عليه، ورُوي عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «لا يَنبَغي للمُسلِمِ أنْ يُؤدِّيَ الخَراجَ» (٢) يَعني الجِزيةَ، ورُوي أنَّ ذِميًّا أسلَمَ فطُولبَ بالجِزيةِ، وقيلَ: إنَّما أسلَمَ تَعوُّذًا، قالَ: إنَّ في الإسلامِ مَعاذًا، فرُفعَ إلى عُمرَ، فقالَ عُمرُ: إنَّ في الإسلامِ مَعاذًا، وكتَبَ ألَّا تُؤخَذَ منه الجِزيةُ، رَواه أبو عُبيدٍ بنَحوٍ من هذا المَعنى (٣)، ولأنَّ الجِزيةَ صَغارٌ فلا تُؤخذُ منه كما لو أسلَمَ قبلَ الحَولِ، ولأنَّ الجِزيةَ عُقوبةٌ تَجِبُ بسَببِ الكُفرِ فيُسقِطُها الإسلامُ، كالقَتلِ، وبهذا فارَقَ سائِرَ الدُّيونِ (٤).

وقالَ ابنُ القَيمِ : ومَن أسلَمَ سقَطت عنه الجِزيةُ، سَواءٌ أسلَمَ في أَثناءِ الحَولِ أو بعدَه.

ولو اجتمَعَت عليه جِزيةُ سِنينَ ثم أسلَمَ سقَطَت كلُّها، هذا قَولُ فُقهاءِ المَدينةِ وفُقهاءِ الرأيِ وفُقهاءِ الحَديثِ إلا الشافِعيَّ وأصحابَه؛ فإنَّه قالَ:


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٥٣).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٠٤٧)، بلفظِ: «إنَّما العُشورُ على اليَهودِ والنَّصارى وليسَ على المُسلِمينَ خَراجٌ».
(٣) رواه أبو عبيد في «الأموال» ص (٥٠) رقم (١٢٢)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (٦/ ٩٤).
(٤) «المغني» (١٢/ ٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>