للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ هُبيرةَ : واختَلفُوا فيما إذا وجَبَت عليه الجِزيةُ فلم يُؤدِّها حتى أسلَمَ.

فقالَ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ وأحمدُ: سقَطَت عنه الجِزيةُ بإسلامِه، وكذلك لو كانَت جِزيةَ سنتَينِ لم يُؤدِّها ثم أسلَمَ قبلَ الأداءِ؛ فإنَّها تَسقُطُ عنه، وسَواءٌ كانَ إسلامُه في أثناءِ الحَولِ أو بعدَ تَمامِه.

وقالَ الشافِعيُّ : لا يُسقِطُها الإسلامُ بعدَ الحَولِ، وله في أثناءِ الحَولِ قَولانِ (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ومَن وجَبَت عليه الجِزيةُ فأسلَمَ قبلَ أنْ تُؤخَذَ منه سقَطَت عنه الجِزيةُ.

وجُملتُه أنَّ الذِّميَّ إذا أسلَمَ في أثناءِ الحَولِ لم تَجِبْ عليه الجِزيةُ، وإنْ أسلَمَ بعدَ الحَولِ سقَطت عنه، وهذا قَولُ مالِكٍ والثَّوريِّ وأبي عُبيدٍ وأصحابِ الرأيِ، وقالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وابنُ المُنذِرِ: إنْ أسلَمَ بعدَ الحَولِ لم تَسقُطْ؛ لأنَّها دَينٌ يَستحِقُّه صاحِبُه واستحَقَّ المُطالَبةَ به في حالِ الكُفرِ، فلم يَسقُطْ بالإسلامِ كالخَراجِ وسائرِ الدُّيونِ، وللشافِعيِّ فيما إذا أسلَمَ في أثناءِ الحَولِ قَولانِ، أحدُهما: عليه من الجِزيةِ بالقِسطِ كما لو أَفاقَ بعدَ الحَولِ.


(١) «الإفصاح» (٢/ ٣٢٩)، وانظر: «الكافي» (١/ ٢١٧)، و «تفسير القرطبي» (٨/ ١١٣)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٠٥)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٢٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>