للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أسلَمَ بعدَ الحَولِ لم تَسقُطْ؛ لأنَّه دَينٌ استحَقَّه صاحِبُه واستحَقَّ المُطالَبةَ به في حالِ الكُفرِ فلم تَسقُطْ بالإسلامِ كالخَراجِ وسائرِ الدُّيونِ، وله فيما إذا أسلَمَ في أثناءِ الحَولِ قَولانِ:

أحدُهما: أنَّها تَسقُطُ.

والثانِي: أنَّها تُؤخذُ بقِسطِه.

والصَّحيحُ الذي لا يَنبَغي القَولُ بغيرِه سُقوطُها، وعليه تَدلُّ سُنةُ رَسولِ اللهِ وسُنةُ خُلفائِه، وذلك من مَحاسنِ الإسلامِ وتَرغيبِ الكُفارِ فيه، وإذا كانَ رَسولُ اللهِ يُعطي الكُفارَ على الإسلامِ حتى يُسلِموا يَتألَّفهم بذلك، فكيف يُنفِّرُ عن الدُّخولِ في الإسلامِ من أجلِ دينارٍ؟! فأينَ هذا مِنْ تَركِ الأموالِ للدُّخولِ في الإسلامِ.

قالَ سُفيانُ الثَّوريُّ عن قابوسِ بنِ أبي ظَبيانَ عن أبيه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «ليسَ على مُسلمٍ جِزيةٌ» (١).

قالَ أبو عُبيدٍ: تأويلُ هذا الحَديثِ: لو أنَّ رَجلًا أسلَم في آخِرِ السَّنةِ وقد وجَبَت الجِزيةُ عليه إسلامُه يُسقِطُها عنه فلا تُؤخذُ منه.

وإنْ كانَت قد لزِمَته قبلَ ذلك؛ لأنَّ المُسلِمَ لا يُؤدِّي الجِزيةَ ولا تَكونُ عليه دَينًا كما لا تُؤخذُ منه فيما يُستأنَفُ بعدَ الإسلامِ، وقد رُوي عن عُمرَ وعلِيٍّ وعُمَر بنِ عبدِ العَزيزِ ما يُحقِّقُ هذا المَعنى.


(١) رواه أبو عبيد في «الأموال» ص (٥٩) رقم (١٢١)، وابن زنجويه في «الأموال» (١/ ١٦٨)، والدارقطني في «سننه» (٤/ ١٥٦) بإسنادٍ ضَعيفٍ، انظر: «نصب الراية» (٣/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>