للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل تُستحَبُّ المُماكَسةُ في الزِّيادةِ: بأنْ يَطلُبَ منهم أكثرَ من دِينارٍ إنْ ظَنَّ إجابتَهم إليها، أمَّا إذا علِمَ أو ظَنَّ أنَّهم لا يُجيبونه إلى تلك الزِّيادةِ، فلا مَعنى للمُماكَسةِ.

وفي حالة الضَّعفِ يَجوزُ للإمامِ التَّراضي مع أهلِ الذِّمةِ على أقَلَّ من الدِّينارِ.

واستدَلُّوا لذلك بحَديثِ مُعاذٍ السابِقِ، وأنَّ النَّبيَّ أمَرَ مُعاذًا لمَّا وَجَّهه إلى اليَمنِ «أنْ يَأخذَ مِنْ كلِّ حالِمٍ -يَعني مُحتَلِمًا- دِينارًا أو عَدلَهُ من المَعافِرِ -ثِيابٌ تَكونُ بِاليَمَنِ-» (١).

فالحَديثُ يَدلُّ على تَقديرِ الجِزيةِ بالدِّينارِ من الذهَبَ على كلِّ حالِمٍ، وظاهِرُ إطلاقِه سَواءٌ أكانَ غَنيًّا أم مُتوسِّطًا أم فَقيرًا.

وقد أخَذَها النَّبيُّ من أهلِ «أيْلَةَ»، حيثُ قدِمَ يُوحَنَّا بنُ رُؤبةَ على رَسولِ اللهِ في تَبوكَ، وصالَحه على كلِّ حالِمٍ بأرضِه في السَّنةِ دينارًا، واشتَرطَ عليهم قُرى مَنْ مرَّ بهم من المُسلِمينَ (٢).

وقد أخَذَ رَسولُ اللهِ من أهلِ نَجرانَ ألفَيْ حُلةٍ، أخَذَ نِصفَها في صَفَرَ والبَقيَّةَ في رَجَبٍ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٥٧٦).
(٢) أخرَجَه عبد الرزاق في «مصنفه» (٦/ ٨٦) رقم (١٠٠٩٣).
(٣) أخرَجَه البيهقي في «الكبرى» (٩/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>