للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ عن الرُّهبانِ الذين يُشارِكونَ الناسَ في غالِبِ الدُّنيا فيَتَّجِرونَ ويَتَّخِذونَ المَزارِعَ وأبراجَ الحَمامِ وغيرَ ذلك من الأُمورِ التي يَتَّخِذُها سائِرُ الناسِ فيما هُمْ فيه الآنَ، وإنَّما ترهَّبَ أحدُهم في اللِّباسِ وتَرْكِ النِّكاحِ وأكْلِ اللَّحمِ والتَّعبُّدِ بالنَّجاسةِ ونَحوِ ذلك، وقد صارَ مَنْ يُريدُ إسقاطَ الجِزيةِ من النَّصارى يَترهَّبُ هذا التَّرهُّبَ لسُقوطِ الجِزيةِ عنه، ويَأخذونَ من الأموالِ المَحبوسةِ والمَنذورةِ ما يَأخذونَ، فهل يَجوزُ أخذُ الجِزيةِ من هؤلاء أو لا، وهل يَجوزُ إسكانُهم بِلادَ المُسلِمينَ مع رَفعِ الجِزيةِ عنهم أو لا؟ أفتُونا مَأجورينَ.

فأجابَ : الحَمدُ للهِ، الرُّهبانُ الذين تنازَعَ العُلماءُ في قَتلِهم وأخذِ الجِزيةِ منهم هُمْ المَذكورونَ في الحَديثِ المأثورِ عن خَليفةِ رَسولِ اللهِ أبي بَكرٍ الصِّديقِ أنَّه قالَ في وَصيَّتِه ليَزيدَ بنِ أبي سُفيانَ لمَّا بعَثَه أميرًا على فَتحِ الشامِ، فقالَ له في وَصيَّتِه: «وستَجِدونَ أقوامًا قد حبَسوا أنفُسَهم في الصَّوامعِ فذَروهم وما حبَسوا أنفُسَهم له، وستَجِدونَ أَقوامًا قد فحَصوا عن أَوساطِ رُؤوسِهم فاضرِبوا ما فحَصوا عنه بالسَّيفِ، وذلك بأنَّ اللهَ يَقولُ: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾ [التوبة: ١٢]».

وإنَّما نَهى عن قَتلِ هؤلاء؛ لأنَّهم قَومٌ مُنقطِعونَ عن الناسِ مَحبوسونَ في الصَّوامعِ، يُسمَّى أحدُهم حَبيسًا لا يُعاوِنونَ أهلَ دينِهم على أمرٍ فيه ضَررٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>