للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدَلُّوا لذلك بعُمومِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ فهو يَشمَلُ الرُّهبانَ القادِرينَ على العَملِ وغيرَ القادِرينَ، المُوسِرينَ وغيرَ المُوسِرينَ، وبعُمومِ الأحاديثِ القاضيةِ بأخذِ الجِزيةِ من كلِّ بالِغٍ كحَديثِ مُعاذٍ السابِقِ: أمَرَه أنْ يَأخذَ من كلِّ حالِمٍ دينارًا. وبحَديثِ عُمرَ السابِقِ: ولا يَضرِبوها إلا على من جرَت عليه المُوسَى، وبما رَوى أبو عُبيدٍ وغيرُه عن عُمرَ بنِ عبدِ العَزيزِ: أنَّه فرَضَ على رُهبانِ الدِّياراتِ على كلِّ راهِبٍ دِينارَينِ (١).

قالَ أبو عُبيدٍ : ولا أَرى عُمرَ فعَلَ هذا إلا لعِلمِه بطاقَتِهم له، وأنَّ أهلَ دِينِهم يَتحمَّلونَ ذلك لهم، كما أنَّهم يَكْفونهم جَميعَ مُؤْناتِهم (٢).

وأمَّا المَعقولُ، فمِن وَجهَينِ:

الأولُ: أنَّ الجِزيةَ عِوضٌ عن حَقنِ الدَّمِ، وأنَّ الراهِبُ غيرُ مَحقونِ الدَّمِ -وهذا عندَ الشافِعيةِ كما سبَقَ في كِتابِ الجِهادِ-، فتَجِبُ عليه الجِزيةُ لحَقنِ الدَّمِ.

والثانِي: أنَّ الجِزيةَ عِوضٌ عن سُكنى دارِ الإسلامِ، وأنَّ الراهِبَ كغيرِه في الانتِفاعِ بالدارِ، فلا تَسقُطُ عنه الجِزيةُ (٣).


(١) رواه أبو عبيد في «الأموال» (١/ ٥٢) رقم (١٠٩).
(٢) «الأموال» (١/ ٥٢).
(٣) «الأم» (٤/ ١٧٦)، و «المهذب» (٢/ ٢٥٢)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٠٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٦)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>