ولمَّا فاتَت النُّصرةُ من أهلِ الذِّمةِ بأنفُسِهم بسَببِ إصرارِهم على الكُفرِ، تَعيَّنت عليهم النُّصرةُ بالمالِ: وهي الجِزيةُ.
لكنْ هنا سُؤالٌ، وهو: لو اشترَكَ الذِّمِّيونَ في القِتالِ مع المُسلِمينَ أو استَعانَ الإمامُ بأهلِ الذِّمةِ فقاتَلُوا معه، هل تَسقُطُ عنهم الجِزيةُ بذلك؟
والجَوابُ بعَونِ اللهِ: أنَّ الجِزيةَ لا تَسقُطُ عنهم بذلك؛ لأنَّ جُمهورَ العُلماءِ يَقولونَ بأنَّها وجَبَت بَدلًا عن عِوضٍ، سَواءٌ كانَ العِوضُ بَدلًا عن القَتلِ بسَببِ الكُفرِ كما يَقولُ المالِكيةُ والحَنابِلةُ وبَعضُ الحَنفيةِ، أو كانَ العِوضُ بَدلًا عن حَقنِ الدَّمِ وسُكنى الدارِ كما يَقولُ الشافِعيُّ؛ ففي هذه الحالِ لا تَسقُطُ عنهم الجِزيةُ؛ لأنَّها ليسَت بَدلًا عن النُّصرةِ عندَهم، ولأنَّه لا يَجوزُ الاستِعانةُ بمُشرِكٍ عندَهم لما رَوَت عَائِشةُ ﵂ زَوجُ النَّبِيِّ ﷺ أنَّها قالَت: «خرَجَ رَسولُ اللهِ ﷺ قِبَلَ بَدرٍ فلمَّا كانَ بحَرَّةِ الوَبَرةِ أدرَكَه رَجلٌ قد كانَ يُذكَرُ منه جُرأةٌ ونَجدةٌ، ففرِحَ أصحابُ رَسولِ اللهِ ﷺ حينَ رَأوهُ، فلمَّا أدرَكَه قالَ لرَسولِ اللهِ ﷺ: