للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِصمةَ الأموالِ والذَّراريِّ، وهي غيرُ مُستحَقةِ القَتلِ؛ فليسَ حَقنُ الدَّمِ هو كلَّ المَقصودِ، ويُعزَى للشافِعيةِ أنَّها أُجرةُ الدارِ، ويُرَدُّ عليه بأنَّ المَرأةَ تَنتفِعُ بالدارِ ولا جِزيةَ عليها، والمُتَّجَهُ أنْ يُقالُ: هي قُبالةُ جَميعِ المَقاصِدِ المُرتَّبةِ على العَقدِ (١).

وقالَ بعضُ فُقهاءِ الحَنفيةِ: الجِزيةُ تَجِبُ عِوضًا عن النُّصرةِ: ويَقصِدون بذلك نُصرةَ المُقاتِلةِ الذين يَقومونَ بحِمايةِ دارِ الإسلامِ والدِّفاعِ عنها.

قالَ البابَرتيُّ : إنَّ الجِزيةَ وجَبَت نُصرةً للمُقاتِلةِ؛ لأنَّها تَجِبُ بَدلًا عن النُّصرةِ للمُسلِمينَ ببَذلِ النَّفسِ والمالِ؛ لأنَّ كلَّ مَنْ كانَ مِنْ أهلِ دارِ الإسلامِ تَجِبُ عليه النُّصرةُ للدارِ بالنَّفسِ والمالِ، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١)[الصف: ١٠، ١١] لكنَّ الكافِرَ لمَّا لم يَصلُحْ لنُصرَتِنا لمَيلِه إلى دارِ الحَربِ اعتِقادًا قامَ الخَراجُ المأخوذُ منه المَصروفُ إلى الغَزاةِ مَقامَ النُّصرةِ بالنَّفسِ (٢).

وقالَ في مَوضِعٍ آخَرَ: وقالَ بَعضُهم: وجَبَت بَدلًا عن النُّصرةِ التي فاتَت بإصرارِهم على الكُفرِ وقد تَقدَّم، وأُعيدُه ههنا تَوضيحًا؛ وذلك لأنَّهم لمَّا صاروا من أهلِ دارِنا بقَبولِ الذِّمةِ، ولهذه الدارِ دارٌ مُعادِيةٌ وجَبَ عليهم القيامُ بنُصرَتِها، ولا تَصلُحُ أَبدانُهم لهذه النُّصرةِ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّهم يَميلونَ


(١) «الذخيرة» (٣/ ٤٥٣).
(٢) «العناية شرح الهداية» (٨/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>