للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِزِّهم وإقامةِ دِينِهم كما يُحبُّونَ؛ بحيثُ تَكونُ لهم الشَّوكةُ والكَلِمةُ، واللهُ أعلَمُ (١).

ثم قالَ ابنُ القَيمِ وهو يَرُدُّ قَولَ الشافِعيِّ: فَصلٌ: ليسَت الجِزيةُ أُجرةً عن سُكنى الدارِ.

قد تَبيَّنَ بما ذكَرْنا أنَّ الجِزيةَ وُضِعت صَغارًا وإذلالًا للكُفارِ لا أُجرةً عن سُكنى الدارِ، وذكَرْنا أنَّها لو كانَت أُجرةً لوجَبَت على النِّساءِ والصِّبيانِ والزَّمنى والعُميانِ، ولو كانَت أُجرةً لما أنِفَت منها العَربُ من نَصارى بَني تَغلِب وغيرِهم، والتَزموا ضَعفَ ما يُؤخَذُ من المُسلِمينَ من زَكاةِ أموالِهم، ولو كانَت أُجرةً لكانَت مُقدَّرةَ المُدةِ كسائرِ الإجاراتِ، ولو كانَت أُجرةً لما وجَبَت بوَصفِ الإذلالِ والصَّغارِ.

ولو كانَت أُجرةً لكانَت مُقدَّرةً بحسَبِ المَنفَعةِ؛ فإنَّ سُكنى الدارِ قد تُساوي في السَّنةِ أضعافَ الجِزيةِ المُقدَّرةِ، ولو كانَت أُجرةً لما وجَبَت على الذِّميِّ أُجرةُ دارٍ أو أرضٍ يَسكُنُها إذا استَأجَرها من بَيتِ المالِ، ولو كانَت أُجرةً لكانَ الواجِبُ فيها ما يَتَّفِقُ عليه المُؤجِّرُ والمُستأجِرُ.

وبالجُملةِ ففَسادُ هذا القَولِ يُعلَمُ من وُجوهٍ كَثيرةٍ (٢).

وقالَ الإمامُ القَرافِيُّ : الجِزيةُ مأخوذةٌ من الجَزاءِ الذي هو المُقابَلةُ والمأخوذُ عندَ الأصحابِ مُقابِلٌ للدَّمِ، ويُرَدُّ عليه بأنَّه اقتَضى


(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٩، ٣٠).
(٢) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>