للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ الثَّالثُ: لِلشافِعيَّةِ في المَذهبِ: وهو أَنَّه يُستحبُّ القُنوتُ في الوِترِ في النِّصفِ الأخيرِ مِنْ شَهرِ رَمضانَ خاصَّةً، فإن أوتَرَ برَكعَةٍ قنَت فيها، وإن أوتَرَ بأكثرَ قنَت في الأخيرةِ.

وفي وَجهٍ عندَهم أَنَّه يُستحبُّ أن يَقنُتَ في جَميعِ شَهرِ رَمضانَ.

وفي وَجهٍ ثالِثٍ أَنَّه يُستحبُّ القُنوتُ في الوِترِ في جَميعِ السَّنَةِ.

قالَ النَّوويُّ : وهذا الوَجهُ قَويٌّ في الدَّليلٍ، لحَديثِ الحَسنِ بنِ عَلِيٍّ في القُنوتِ، لكنَّ المَشهورَ في المَذهبِ ما سبقَ، وبه قالَ جُمهورُ الأصحابِ.

قالَ الرَّافِعيُّ: وظاهرُ كَلامِ الشافِعيِّ كَراهَةُ القُنوتِ في غيرِ النِّصفِ الأخيرِ مِنْ رَمضانَ (١).

أمَّا مَحَلُّ القُنوتِ في الوِترِ عندَهم فهو بعدَ رَفعِ الرَّأسِ مِنْ الرُّكوعِ على الصَّحيحِ المَشهورِ، وفي وَجهٍ: قبلَ الرُّكوعِ، قالَه ابنُ سُرَيجٍ، والثَّالثُ: يَتخيَّرُ بينَهما، حَكاهُ الرَّافِعيُّ.

أمَّا لَفظُ القُنوتِ في الوِترِ فالاختِيارُ أن يَقولَ ما رُويَ عن الحَسنِ بنِ علِيٍّ قالَ: علَّمنِي رَسولُ اللهِ كَلِماتٍ أقولُهنَّ في الوِترِ: «اللَّهُمَّ اهدِنِي فِيمَن هَدَيتَ، وَعافِنِي فِيمَن عافَيتَ، وَتَولَّنِي فِيمَن تَولَّيتَ، وَبارِك لي فِيمَا أَعطَيتَ، وَقِنِي شَرَّ ما قَضيتَ؛ إِنَّكَ تَقضِي ولا يُقضَى عَلَيكَ، وَإِنَّه لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيتَ، تَبارَكتَ رَبَّنَا وَتَعالَيتَ» (٢). وزادَ العُلماءُ فيه: «ولا


(١) «المجموع» (٥/ ٢٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٤٢٥)، والتِّرمذي (٤٦٤)، والنسائي (١٧٤٥)، وأحمد في «المسند» (١/ ١٩٩، ٢٠٠)، وابن خُزَيمة في «صحيحه» (٢/ ١٥١، ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>