للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا حكمُ القُنوتِ إذا فاتَ عن مَحَلِّه فنَقولُ: إذا نَسيَ القُنوتَ حتى ركَع ثم تذكَّر بعدَما رفعَ رَأسَه مِنْ الرُّكوعِ لا يَعودُ، ويسقطُ عنه القُنوتُ، وإن كانَ في الرُّكوعِ فكذلك في ظاهِرِ الرِّوايةِ.

ورُويَ عن أبي يُوسفَ في غيرِ رِوايةِ الأُصولِ أَنَّه يَعودُ إلى القُنوتِ؛ لأنَّ له شَبَهًا بالقِراءةِ، فيَعودُ، كما لو تركَ الفاتِحةَ أوِ السُّورةَ، فتذكَّرها في الرُّكوعِ، أو بعدَ رَفعِ الرَّأسِ منه، فإنَّه يَعودُ ويَنتَقِضُ رُكوعُه، كَذا ههنا (١).

القولُ الثَّاني: لِلمالِكيَّةِ في المَشهورِ أَنَّه يُكرَه القُنوتُ في الوِترِ.

وفي رِوايةٍ عنه -أي: الإمامِ مالِكٍ- أَنَّه يَقنُتُ في النِّصفِ الأخيرِ مِنْ رَمضانَ (٢).

قال الزرقانيُّ : رَوى المدَنِيُّونَ وابنُ وَهبٍ عن مالِكٍ أنَّ الإمامَ كانَ يَقنُتُ في النِّصفِ الآخَرِ مِنْ رَمضانَ، يَلعَنُ الكفَرةَ ويُؤمِّنُ مَنْ خلفَه.

ورَوى ابنُ نافِعٍ عن مالِكٍ أنَّ القُنوتَ في الوِترِ واسِعٌ، إن شاءَ فعلَ، وإن شاءَ تركَ. ورَوى ابنُ القاسِمِ عنه: ليس عليه العملُ، ومعناه عِنْدِي: ليس بسُنَّةٍ، لكِن مُباحٌ. ذكرَ ابنُ عَبد البرِّ: لكِن رَوى المِصرِيُّونَ أنَّ مالِكًا، قال: لا يَقنُتُ في الوِترِ، أي: لا في رَمضانَ ولا في غيرِه، وهو المَذهبُ، وقد قالَ ابنُ القاسِمِ: كان مالِكٌ بعدَ ذلك يُنكِرُه إنكارًا شديدًا، ولا أرَى أن يُعمَلَ به (٣).


(١) «معاني الآثار» (٢/ ٢٣٢، ٢٣٤)، و «البحر الرائق» (١/ ٣١٨).
(٢) «الاستذكار» (٢/ ٧٧)، و «الكافي» (٧٤)، و «الأوسط» (٥/ ٢٠٧)، و «القوانين الفقهية» (٦٦)، و «منح الجليل» (١/ ١٥٧)، و «شرح الزرقاني» (١/ ٣٤٣).
(٣) «شَرح الزرقاني على موطَّأ مالِك» (١/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>