للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مُحمدٍ أنَّ التَّوقيتَ في الدُّعاءِ يُذهِبُ رِقَّةَ القَلبِ مَحمولٌ على أدعيةِ المَناسِكِ دونَ الصَّلاةِ؛ لمَا ذكَرنا.

وأمَّا صِفةُ دُعاءِ القُنوتِ مِنْ الجَهرِ والمُخافَتةِ فقد ذكرَ القاضي في شَرحِه: «مُختَصَر الطَّحاوي» أَنَّه إن كانَ مُنفرِدًا فهو بالخيارِ، إن شاءَ جهرَ وأسمعَ غيرَه، وإن شاءَ جهرَ وَأسمعَ نَفسَه، وإن شاءَ أسَرَّ، كما في القِراءةِ، وإن كانَ إمامًا يَجهَرُ بالقُنوتِ، لكن دونَ الجَهرِ بالقِراءةِ في الصَّلاةِ، والقَومُ يُتابِعونَه هكذا، إلى قولِه: «إنَّ عَذَابَكَ بِالكُفَّارِ مُلحَقٌ»، وإذا دَعا الإمامُ بعدَ ذلك، هل يُتابِعُه القَومُ؟ ذكرَ في الفَتاوى اختِلافًا بينَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ، في قولِ أبي يُوسفَ: يُتابِعُونَه ويَقرؤُونَ، وفي قولِ مُحمدٍ: لا يَقرؤُونَ، ولكن يُؤَمِّنُونَ، وقالَ بَعضُهم: إن شاءَ القَومُ سَكَتوا.

وأمَّا الصَّلاةُ على النَّبيِّ في القُنوتِ فقد قالَ أبو القاسِمِ الصَّفَّارُ: لا يَفعلُ، لأنَّ هذا ليس مَوضِعَها. وقالَ الفَقيهُ أبو اللَّيثِ: يَأتي بها؛ لأنَّ القُنوتَ دُعاءٌ؛ فالأفضَلُ أن يَكونَ فيه الصَّلاةُ على النَّبيِّ ، ذكرَه في الفَتاوى.

واختارَ مَشايِخُنا بما وَراءَ النَّهَرِ الإخفاءَ في دُعاءِ القُنوتِ في حقِّ الإمامِ والقَومِ جَميعًا؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: ٥٥]، وقولِ النَّبيِّ : «خَيرُ الدُّعاءِ الخَفِيُّ» (١).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الإمام أحمد (١/ ١٧٢)، بلَفظِ: «خَيرُ الذِّكرِ الخَفِيُّ، وَخَيرُ الرِّزقِ ما يَكفي».

<<  <  ج: ص:  >  >>