للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعَلى هذا إذا فرغَ مُصلِّي الوِترِ مِنْ القِراءةِ في الرَّكعةِ الثَّالثةِ كبَّر رافِعًا يَديه، ثم يَقرأُ دُعاءَ القُنوتِ.

أمَّا مِقدارُ القُنوتِ فقد ذكرَ الكَرخِيُّ أنَّ مِقدارَ القِيامِ في القُنوتِ مِقدارُ سُورةِ: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾؛ لمَا رُويَ عن النَّبيِّ أَنَّه كانَ يَقرأُ في القُنوتِ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَستَعِينُكَ … » إلخ؛ «اللَّهُمَّ اهدِنَا فِيمَن هَدَيتَ … » إلخ؛ وكِلاهما على مِقدارِ هذه السُّورةِ.

قالَ الكاسانيُّ: أمَّا دُعاءُ القُنوتِ فليس في القُنوتِ دُعاءٌ مُؤقَّتٌ، كذا ذكرَ الكَرخِيُّ في كتابِ الصَّلاةِ؛ لأنَّه رُويَ عن الصَّحابةِ أدعِيةٌ مُختَلِفةٌ في حالِ القُنوتِ، ولأنَّ المُؤقَّتَ مِنْ الدُّعاءِ يَجري على لِسانِ الدَّاعي مِنْ غيرِ احتِياجِه إلى إحضارِ قَلبِه وصِدقِ الرَّغبةِ منه إلى اللهِ تَعالى، فيَبعُدُ عن الإجابةِ، ولِأَنَّه لا تَوقيتَ في القِراءةِ لِشَيءٍ مِنْ الصَّلواتِ، ففي دُعاءِ القُنوتِ أَولى. وقد رُويَ عن مُحمدٍ أَنَّه قالَ: التَّوقيتُ في الدُّعاءِ يُذهِبُ رِقَّةَ القَلبِ.

وقالَ بَعضُ مَشايِخِنا: المُرادُ مِنْ قولِه: ليس في القُنوتِ دُعاءٌ مُؤقَّتٌ مَا سِوى قولِه: «اللَّهُمَّ إنَّا نَستَعِينُكَ … »؛ لأنَّ الصَّحابَةَ اتَّفَقوا على هذا في القُنوتِ، فالأَولى أن يَقرأَه، ولو قرأَ غيرَه جازَ، ولو قرأَ معَه غيرَه كانَ حَسَنًا، والأَولى أن يَقرأَ بعدَه ما علَّم رَسولُ اللهِ الحَسنَ بنَ عَلِيٍّ في قُنوتِه: «اللَّهُمَّ اهدِنَا فِيمَن هَدَيتَ … » إلى آخرِه.

وقالَ بَعضُهم: الأفضَلُ في الوِترِ أن يَكونَ فيه دُعاءٌ مُؤقَّتٌ، لأنَّ الإمامَ رُبَّما يَكونُ جاهِلًا، فيأتي بدُعاءٍ يُشبِهُ كَلامَ النَّاسِ، فيُفسِدُ الصَّلاةَ، ومَا رُويَ

<<  <  ج: ص:  >  >>