للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ : وإنْ كانَ مُشرِكٌ يَغزو مع المُسلِمينَ وكانَ معه في الغَزوِ مَنْ يُطيعُه من مُسلمٍ أو مُشرِكٍ وكانَت عليه دَلائِلُ الهَزيمةِ والحِرصِ على غَلبةِ المُسلِمينَ وتَفريقِ جَماعَتِهم لم يَجزْ أنْ يَغزُوَ به، وإنْ غَزا به لم يَرضَخْ له.

ومَن كانَ مِنْ المُشرِكينَ على خِلافِ هذه الصِّفةِ فكانَت فيه مَنفَعةٌ للمُسلِمينَ بدِلالةٍ على عَورةِ عَدوٍّ أو طَريقٍ أو ضَيعةٍ أو نَصيحةٍ للمُسلِمينَ فلا بأسَ أنْ يَغزُوَ به، وأحَبُّ إلَيَّ ألَّا يُعطَى من الفَيءِ شَيئًا وأنْ يَستأجِرَ إجارةً من مالٍ لا مالِكَ له بعَينِه، وهو غيرُ سَهمِ النَّبيِّ ؛ فإنْ أغفَلَ ذلك أُعطيَ من سَهمِ النَّبيِّ .

ورَدَّ النَّبيُّ يَومَ (بَدرٍ) مُشرِكًا -قيلَ: هو نُعَيمٌ- فأسلَمَ، ولَعلَّه رَدَّه رَجاءَ إسلامِه، وذلك واسِعٌ للإمامِ أنْ يَرُدَّ المُشرِكَ فيَمنعَه الغَزوَ ويأذَنَ له، وكذلك الضَّعيفُ من المُسلِمينَ، ويأذَنَ له، ورَدُّ النَّبيِّ مِنْ جِهةِ إباحةِ الرَّدِّ، والدَّليلُ على ذلك -واللهُ تَعالى أعلَمُ- أنَّه قد غَزا بيَهودِ بَني قَينُقاعٍ بعدَ بَدرٍ وشهِدَ صَفوانُ بنُ أُمَيةَ معه حُنَينًا بعدَ الفَتحِ وصَفوانُ مُشرِكٌ (١).

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ في بابِ (الاستِعانةِ بأهلِ الذِّمةِ على قِتالِ العَدوِّ): الذي رَوى مالِكٌ كما رَوى: رَدَّ رَسولُ اللهِ مُشرِكًا أو مُشرِكَينِ في غَزاةِ بَدرٍ وأبَى أنْ يَستعينَ إلَّا بمُسلمٍ، ثم استَعان


(١) «الأم» (٤/ ١٦٦، ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>