وقالَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ: إنَّه لا يُسهَمُ لهم؛ لأنَّهم لم يَقصِدوا الجِهادَ.
وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ:«ويُسهَمُ للتاجِرِ إذا قاتَلَ».
قالَ الماوَرديُّ: ولِلتاجِرِ إذا خرَجَ مع المُجاهِدينَ ثَلاثةُ أحوالٍ:
أحَدُها: أنْ يَقصِدَ الجِهادَ بخُروجِه، وتَكونَ التِّجارةُ تَبعًا لجِهادِه، فهذا يُسهَمُ له إذا حضَرَ الوَقعةَ، وسَواءٌ قاتَلَ أو لمْ يُقاتلْ كانَ كغيرِه من المُجاهِدينَ الذين لم يَتَّجِروا، كما لو قصَدَ الحَجَّ فاتَّجَر كانَ ذلك له حَجةً، ولا تُؤثِّرُ فيه تِجارَتِه.
والحالُ الثانِيةُ: أنْ يَقصِدَ التِّجارةَ، ويَتخلَّفَ في المُعسكَرِ تَشاغُلًا بها، فهذا لا يُسهَمُ اعتِبارًا بقَصدِه وعَدمِ أثَرِه في الوَقعةِ.
والحالُ الثالِثةُ: أنْ يَقصِدَ التِّجارةَ ويَشهَدَ الوَقعةَ، فهذا على ضَربَينِ:
أحدُهما: أنْ يُقاتِلَ فيُسهَمَ له، نَصَّ عليه الشافِعيُّ لبَلائِه في الحَربِ.
والضَّربُ الثانِي: ألَّا يُقاتِلَ ففيه قَولانِ:
أحدُهما: يُسهَمُ له لقَولِه: «الغَنيمةُ لمَن شهِدَ الوَقعةَ».
ولأنَّه قد كثَّرَ وهِيبَ وتِجارَتُه مَنفَعةٌ تَعودُ على المُجاهِدينَ، فلم يُحرَمْ بها سَهمَه معهم.
والقَولُ الثانِي: لا يُسهَمُ له ولا يُعطَى رَضخًا كالأتباعِ؛ لقَولِ رَسولِ اللهِ ﷺ في مُهاجِرِ أمِّ قَيسٍ:«مَنْ كانَت هِجرَتُه لدُنيا يُصيبُها أو امرأةٍ يَتزَوَّجُها فهِجرَتُه إلى ما هاجَرَ إليه».