للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنفيةُ: لا حَقَّ لأهلِ سُوقِ العَسكرِ في الغَنيمةِ إلا أنْ يُقاتِلوا، وكذا لا يُسهَمُ لِلتاجرِ ولا لِلأجيرِ؛ لأنَّ سَببَ استِحقاقِ الغَنيمةِ المُجاوَزةُ على قَصدِ القِتالِ ولم يُوجَدْ؛ لأنَّهم قصَدوا التِّجارةَ لا إِعزازَ الدِّينِ وإِرهابَ العَدوِّ؛ فإنْ قاتَلَ التاجِرُ مع العَسكرِ أُسهِم له إنْ كانَ فارِسًا ففارِسٌ، أو راجِلًا فراِجلٌ، وكذا الأَجيرُ إنْ ترَكَ خِدمةَ صاحِبِه وقاتَلَ مع العَسكرِ استحَقَّ السَّهمَ، وإنْ لمْ يَترُكِ الخِدمةَ فلا شَيءَ له.

والأصلُ أنَّ مَنْ دخَلَ على نيةِ القِتالِ استحَقَّ السَّهمَ سَواءٌ قاتَلَ أو لا، ومَن دخَلَ لغيرِ القِتالِ لا يُسهَمُ له إلا أنْ يُقاتِلَ وهو من أهلِ القِتالِ ومَن دخَلَ ليُقاتِلَ فلم يُقاتلْ لمَرضٍ أو غيرِه فله سَهمُه إنْ كانَ فارِسًا ففارِسٌ أو راجِلًا فراجِلٌ، وكذا إذا دخَلَ مُقاتِلًا فأُسرَ ثم تخلَّصَ قبلَ إخراجِ الغَنيمةِ فله سَهمُه (١).

ولا شَيءَ لمَن حضَرَ بعدَ انقِضاءِ القِتالِ وحيازةِ المالِ، أمَّا مَنْ حضَرَ قبلَ حيازةِ المالِ وبعدَ انقِضاءِ القِتالِ فيُعطَى عندَ الحَنفيةِ والشافِعيةِ في قَولٍ، للُحوقِه قبلَ تَمامِ الاستِيلاءِ.

والأصَحُّ عندَ الشافِعيةِ المَنعُ؛ لأنَّه لم يَشهَدْ شَيئًا من الوَقعةِ.

أمَّا الأجيرُ لسياسةِ الدَّوابِّ وحِفظِ الأمتِعةِ، والتاجرُ والمُحتَرِفُ فيُسهَمُ لهم إذا قاتَلُوا؛ لشُهودِ الوَقعةِ وقِتالِهم في الأظهَرِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ والمالِكيةِ.


(١) «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٨٣)، و «شرح كتاب السير الكبير» (٣/ ٩١٥)، و «الجوهرة النيرة» (٢/ ٣٦٤)، و «العناية شرح الهداية» (٧/ ٤٨٨)، و «الأوسط» (١١/ ١٦٤، ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>