فكانَت الإعادةُ إلى قَديمِ المِلكِ رِعايةً للمِلكِ الخاصِّ أوْلى، وقد رُوي أنَّ بَعيرًا لرَجلٍ من المُسلِمينَ استَولى عليه أهلُ الحَربِ، ثم ظهَرَ عليهم المُسلِمونَ فوجَدَه صاحِبُه في المَغنَمِ، فسألَ رَسولَ اللهِ ﷺ عنه فقالَ:«إنْ وجَدتَه قبلَ القِسمةِ فهو لك بغيرِ شَيءٍ، وإنْ وجَدتَه بعدَ القِسمةِ فهو لكَ بالقيمةِ»(١).
وكذلك لو كانَ الحَربيُّ باعَ المأخوذَ من المُسلِمينَ، ثم ظهَرَ عليه المُسلِمونَ؛ فإنَّ المالِكَ القَديمَ يأخُذُه قبلَ القِسمةِ بغيرِ شَيءٍ، وبعدَ القِسمةِ بالقيمةِ؛ لأنَّه باعَه مُستحِقُّ الإعادةِ إلى قَديمِ المِلكِ فبَقيَ كذلك.
ولو وهَبَ الحَربيُّ ما ملَكَه بالاستِيلاءِ لرَجلٍ من المُسلِمينَ، أخَذَه المالِكُ القَديمُ بالقيمةِ إنْ شاء؛ لأنَّ فيه نَظرًا للجانبَينِ.
وكذلك لو باعَه من مُسلمٍ بعِوضٍ فاسِدٍ، ولو لم يَكنِ العِوضُ فاسِدًا أخَذَه بالثَّمنِ الذي اشتَراه به إنْ شاءَ، إنْ كانَ اشتَراه بخِلافِ جِنسِه؛ لأنَّ الأَخذَ عندَ اختِلافِ الجِنسِ مُفيدٌ، وكذلك لو كانَ اشتَراه بجِنسِه لكنْ بأقَلَّ منه؛ فإنَّه يَأخذُه بمِثلِ ما اشتَراه، ولا يَكونُ هذا رِبًا؛ لأنَّ الرِّبا فَضلُ مالٍ قُصدَ استِحقاقُه بالبَيعِ من غيرِ عِوضٍ يُقابِلُه والمالِكُ القَديمُ لا يَأخذُه بطَريقِ
(١) رواه الدارقطني (٤٢٤٣)، وقالَ الزَّيلعيُّ في «نصب الراية» (٣/ ٤٣٤): أخرَجَه الدَّارقطنيُّ ثم البَيهَقيُّ في سُننَيْهما عن الحَسنِ بنِ عُمارةَ، والحَسنُ بنُ عُمارةَ مَتروكٌ. ولَفظُ الدارقُطنيِّ: «فيما أحرَزَ العَدُوُّ فاستنقَذَه المُسلِمونَ منهم إنْ وجَدَه صاحِبُه قبلَ أنْ يُقسَمَ فهو أحَقُّ به، وإنْ وجَده قد قُسِمَ فإنْ شاءَ أخَذَه بالثَّمنِ».