للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثيرةَ الطَّعامِ والعَلفِ وكَرِهنا أنْ نُقدِمَ في شَيءٍ من ذلك، فكتَبَ إليه: دَعِ الناسَ يَعلِفونَ ويَأكُلونَ فمَن باعَ منه شَيئًا بذَهبٍ أو فِضةٍ ففيه خُمسُ اللهِ وسِهامُ المُسلِمينَ (١)، ولأنَّ الحاجةَ تَدعو إليه، ففي المَنعِ ضَرَرٌ بالجَيشِ؛ لأنَّه يَشُقُّ عليهم حَملُ الزادِ والعَلفِ ولِآخِذِه أنْ يُعطيَه لمَن يَحتاجُ إليه، فيَكونَ أحَقَّ به وليسَ له بَيعُه؛ لأنَّ الحاجةَ تَدعو إلى الأكلِ دونَ البَيعِ؛ فإنْ باعَه لبَعضِ الغانِمينَ صارَ الآخِذُ أحَقَّ به؛ لأنَّه صارَ في يَدِه وهو مِنْ الغانِمينَ الذين لهم الأكلُ منه، وله أخْذُ ما دفَعَ من ثَمَنِه؛ لأنَّه دفَعَه إلى مَنْ لا يَستحِقُّ؛ فإنْ رَدَّ الطَّعامَ إلى البائِعِ صار البائِعُ أحَقَّ به؛ لأنَّه صارَ إليه، وإنْ باعَه لغيرِ الغانِمينَ فالبَيعُ باطلٌ ويُرَدُّ المَبيعُ إلى الغَنيمةِ؛ لأنَّه لا يَملِكُ بَيعَه، وإنْ تَعذَرَ رَدُّه رَدَّ ثَمَنَه لخبَرِ عُمرَ، ولأنَّه تَعذَرَ رَدُّ المَبيعِ فوجَبَ رَدُّ قيمتِه كالمَغصوبِ، وإنْ وجَدَ دُهنًا مأكولًا فله أَكلُه؛ لأنَّه من الطَّعامِ، وليسَ له إطعامُ الجَوارِحِ كالفَهدِ والكَلبِ والصَّقرِ؛ لأنَّه لا حاجةَ إليه وما يَحتاجُ إليه من المَشروباتِ للدَّواءِ أُبيحَ له تَناوُلُه؛ لأنَّه طَعامٌ احتاج إليه فأشبَهَ الفاكِهةَ.

وإنْ أُحرزَت الغَنيمةُ فلا يُؤكَلُ منها إلا أنْ تَدعوَ الضَّرورةُ بألَّا يَجِدوا ما يَأكُلونَ؛ لأنَّ المُسلِمينَ مَلَكوها بحِيازَتِها فلم يَجزِ الأكلُ منها كما لو حِيزت إلى بَلدِ الإسلامِ (٢).


(١) رواه سعيد بن منصور في «سننه» (٢٧٥٠).
(٢) «المغني» (٩/ ٢٢٣)، و «الكافي» (٤/ ٤٨٤، ٤٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>