للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصَحُّ المَنصوصُ أنَّه لا يَجوزُ التَّبسُّطُ المَذكورُ لمَن لحِقَ الجَيشَ بعدَ انقِضاءِ الحَربِ، وبعدَ الحِيازةِ؛ لأنَّه أجنَبيٌّ عنهم كغيرِ الضَّيفِ مع الضَّيفِ، والثانِي يَجوزُ لمَظِنةِ الحاجةِ وعِزةِ الطَّعامِ هناك.

والصَّحيحُ أنَّ مَنْ رجَعَ إلى دارِ الإسلامِ ومعه بَقيةٌ ممَّا تَبسَّطَ به لزِمَه رَدُّها إلى المَغنَمِ لزَوالِ الحاجةِ، والثانِي: لا يَلزمُه؛ لأنَّ المَأخوذَ مُباحٌ.

ومَحلُّ الرَّدِّ إلى المَغنَمِ ما لمْ تُقسَّمِ الغَنيمةُ؛ فإنْ قُسِّمت رُدَّ إلى الإمامِ، ثم إنْ كثُرَ قُسِّم، وإلا جُعِل في سَهمِ المَصالحِ.

ولو كانَ القِتالُ في دارِنا في مَوضعٍ يَعِزُّ الطَّعامُ فيه ولا يَجِدونَه بشِراءٍ جازَ لهم التَّبسُّطُ أيضًا بحسَبِ الحاجةِ كما قالَه القاضي، ولا يَجوزُ لهم التَّصرُّفُ بالبَيعِ ونَحوِه فيما تَزوَّدوه من المَغنَمِ لما مَرَّ أنَّهم لا يَملِكونَهم (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا وجَدَ المُسلِمونَ بدارِ الحَربِ طَعامًا أو عَلفًا فلهم الأكلُ منه وعَلفُ دَوابِّهم مع الحاجةِ وعَدمِها من غيرِ إذنِ الإمامِ لما رَوى أبو داودَ عن مُحمدِ بنِ أبي مُجالِدٍ عن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي أوْفَى قالَ: قُلتُ: هل كُنتم تُخمِّسون -يَعني الطَّعامَ- في عَهدِ رَسولِ اللَّهِ فقالَ: «أصَبنا طَعامًا يَومَ خَيبَرَ فكانَ الرَّجلُ يَجيءُ فيَأخذُ منه مِقدارَ ما يكفِيهِ ثم يَنصرِفُ» (٢) ورُوي (أنَّ صاحبَ جَيشِ الشامِ كتَبَ إلى عُمرَ: إنَّا فتَحَنا أرضًا


(١) «مغني المحتاج» (٦/ ٤٦، ٤٧)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٩٧)، و «حاشية الرملي» (٣/ ٩٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٠٤)، وسعيد بن منصور في «سننه» (٢٧٤٠)، والحاكم في «المستدرك» (٢٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>