حَقيقةً، وإنَّما أُخذَ للحاجةِ ويُرَدُّ ما فضَل، ولذا لا يَجوزُ مُبادَلةٌ بعدَ القَسمِ إلا إذا خَلا عن الرِّبا والمَوانِعِ الشَّرعيةِ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: وللغانِمينَ ممَّن يُسهَمُ لهم أو يُرضَخُ -ولو بغيرِ إذنِ الإمامِ- التَّبسُّطُ في الغَنيمةِ قبلَ اختيارِ التَّملُّكِ بأكلِ القُوتِ والأُدمِ والفاكِهةِ ونَحوِها ممَّا يُعتادُ أكلُه للآدَميِّ عُمومًا كالشَّحمِ واللَّحمِ، على سَبيلِ الإباحةِ لا التَّمليكِ، يَنتفِعُ به الآخِذُ ولا يَتصرَّفُ فيه.
ولا يَجوزُ أخْذُ شَيءٍ من الأموالِ كسِلاحٍ ودابةٍ ولا الانتِفاعُ بها؛ فإنِ احتاجَ إلى المَلبوسِ لبَردٍ أو حَرٍّ ألبَسَه الإمامُ له إمَّا بالأُجرةِ مُدةَ الحاجةِ ثم يَرُدُّه إلى المَغنَمِ أو يَحبِسُه عليه من سَهمِه.
فإنِ احتاجَ شَخصٌ منهم إلى القِتالِ بالسِّلاحِ جازَ للضَّرورةِ ولا أُجرةَ عليه، ويَرُدُّه إلى المَغنَمِ بعدَ زَوالِها؛ فإنْ لم يَكنْ ضَرورةً لم يَجزْ له استِعمالُه ولو اضطُرَّ إلى المَركوبِ في القِتالِ فله رُكوبُه بلا أجْرٍ.
ولهم عَلفُ الدَّوابِّ التي لا يُستغنَى عنها في الحَربِ كفَرسِه ودابةٍ تَحمِلُ سِلاحَه تِبْنًا وشَعيرًا ونَحوَهما كفُولٍ؛ لأنَّ الحاجةَ تَمسُّ إليه كمُؤنةِ نَفسِه.
أمَّا ما يَستصحِبُه من الدَّوابِّ الزِّينةِ أو الفُرجةِ كفُهودٍ ونُمورٍ فليسَ له علَفُها من مالِ الغَنيمةِ قَطعًا.
(١) «الشرح الكبير» (٢/ ١٧٩)، و «الشرح الصغير» (٤/ ٣١٤)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤٠١)، و «شرح الخرشي» (٣/ ١١٦)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٥٠٧).