للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَقيرُ فيَرُدُّه قبلَ القِسمةِ؛ لأنَّه حقُّ الغيرِ، وأمَّا بعدَها فمُوجِبُه التَّصدُّقُ وهو مَحلٌّ للتَّصدُّقِ؛ لأنَّه فَقيرٌ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَجوزُ للمُحتاجِ من الغانِمينَ ولو لم تَبلُغْ حاجَتُه حَدَّ الضَّرورةِ وسَواءٌ أذِنَ له الإمامُ أو لا، أنْ يَأخذَ من الغَنيمةِ قبلَ القِسمةِ -لا على وَجهِ الغُلولِ- نَعلًا يَنتعِلُ به، وحِزامًا يَشُدُّ به ظَهرَه، وطَعامًا يَأكلُه، ونَحوَه، كعلَفٍ لدابَّتِه وإبرةٍ ومِخياطٍ وخَيطٍ وقَصعةٍ ودَلوٍ، ونَعَمٍ يَذبَحُه ليَأكُلَه، أو يَحمِلَ عليه مَتاعًا، ويُرَدُّ جِلدُه للغَنيمةِ إنْ لم يَحتَجْ إليه. ومن الجائِزِ ثَوبٌ يَحتاجُ للُبسِه أو يَتغَطَّى به، وسِلاحٌ يُحارِبُ به إنِ احتاجَ ودابةٌ يَركَبُها أو يُقاتِلُ عليها، ويأخُذُ الثَّوبَ وما ذكَرْناه بعدَه إنِ احتاجَ وقصَد الرَّدَّ لها بعدَ قَضاءِ حاجَتِه، لا إنْ قصَد التَّملُّكَ فلا يَجوزُ.

وكلُّ ما فضَلَ عن حاجَتِه من كلِّ ما أخَذَه -سَواءٌ اشتَرَط في أَخذِه الحاجةَ أو لا- يَجبُ رَدُّ ما زاد منه إنْ كثُرَ بأنْ ساوَى دِرهَمًا فأعلى، لا إنْ كانَ تافِهًا، فإنْ تَعذَرَ رَدُّه تَصدَّقَ به كلَّه عن الجَيشِ وُجوبًا بعدَ إِخراجِ خُمُسِه، ولا يَجوزُ تَملُّكُه وجازَ المُبادَلةُ فيه: أي فيما أخَذَه المُحتاجُ منهم قبلَ القَسمِ، وإنْ بطَعامٍ رِبَويٍّ فلِمَن أخَذَ لحمًا أو شَعيرًا أو قَمحًا أو نَحوَ ذلك لحاجَتِه فاستَغنى عنه، أو عن بَعضِه أنْ يُبدِّلَه ممَّن أخَذَ لحاجَةِ غيرِه لذلك الغيرِ، ولو بتَفاضُلٍ في رِبَويٍّ مُتَّحدِ الجِنسِ؛ لأنَّه ليسَ بمَملوكٍ


(١) «الجوهرة النيرة» (٢/ ٣٦١)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٨٦)، و «البحر الرائق» (٥/ ٩٣)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٥٢)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٤٢٦)، و «الاختيار» (٤/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>