للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمشى إلى المَلكِ فقالَ له المَلكُ: ما فعَلَ أصحابُك؟ قالَ: كَفانِيهم اللهُ. فدفَعَه إلى نَفرٍ من أَصحابِه فقالَ: اذهَبوا به فاحمِلوه في قُرقورٍ، فتَوسَّطوا به البَحرَ؛ فإن رجَعَ عن دينِه وإلا فاقذِفُوه. فذَهَبوا به فقالَ: اللَّهمَّ اكفِنيهم بما شِئتَ. فانكَفَأت بهم السَّفينةُ، فغَرِقوا، وجاءَ يَمشى إلى المَلكِ فقالَ له المَلِكُ: ما فعَلَ أصحابُك؟ قالَ: كَفانيهم اللهُ، فقالَ للمَلكِ: إنَّك لستَ بقاتِلي حتى تَفعَلَ ما آمُركَ به. قالَ: وما هو؟ قالَ: تَجمَعُ الناسَ في صَعيدٍ واحِدٍ وتَصلُبُني على جِذعٍ، ثم خُذْ سَهمًا من كِنانَتي ثم ضَعِ السَّهمَ في كَبدِ القَوسِ ثم قُلْ: باسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ، ثم ارمِني؛ فإنَّك إذا فعَلتَ ذلك قَتلتَني، فجمَعَ الناسَ في صَعيدٍ واحِدٍ وصلَبَه على جِذعٍ، ثم أخَذَ سَهمًا من كِنانَتِه ثم وضَعَ السَّهمَ في كَبدِ القَوسِ، ثم قالَ: باسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ، ثم رَماه، فوقَعَ السَّهمُ في صُدغِه فوضَع يَدَه في صُدغِه في مَوضعِ السَّهمِ فماتَ، فقالَ الناس: آمَنَّا برَبِّ الغُلامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلامِ. فأتى المَلكُ فقيلَ له: أرَأيتَ ما كُنْتَ تَحذَرُ؟ قد واللهِ نزَلَ بكَ حذَرُك، قد آمَنَ الناسُ. فأمَرَ بالأُخدودِ في أفواه السِّكَكِ فخُدَّت وأضرَمَ النِّيرانَ وقالَ: مَنْ لم يَرجعْ عن دِينِه فأحْمُوه فيها، أو قيلَ له: اقتَحِمْ، ففعَلوا حتى جاءَتِ امرأةٌ ومعها صَبيٌّ لها فتقاعسَت أنْ تَقعَ فيها، فقالَ لها الغُلامُ: يا أُمَّهْ اصبِري؛ فإنكِ على الحَقِّ» (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وقد رَوى مُسلِمٌ في صَحيحِه عن النَّبيِّ قِصةَ أصحابِ الأُخدودِ، وفيها أنَّ الغُلامَ أمَرَ بقَتلِ


(١) رواه مسلم (٣٠٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>