للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَظِنَّتِه، وهو كَونُهم أقَلَّ من نِصفِ عَددِهم، ولذلك لزِمَهم الثَّباتُ إذا كانُوا أكثَرَ من النِّصفِ، وإنْ غلَبَ على ظَنِّهم الهَلاكُ فيه.

ويُحتمَلُ أنْ يَلزمَهم الثَّباتُ إنْ غلَبَ على ظَنِّهم الظَّفَرُ لما فيه من المَصلَحةِ، وإنْ غلَبَ على ظَنِّهم الهَلاكُ في الإقامةِ والنَّجاةُ في الانصِرافِ فالأوْلى لهم الانصِرافُ، وإنْ ثبَتوا جازَ؛ لأنَّ لهم غَرضًا في الشَّهادةِ، ويَجوزُ أنْ يَغلِبوا أيضًا، وإنْ غلَبَ على ظَنِّهم الهَلاكُ في الإقامةِ والانصِرافِ فالأوْلى لهم الثَّباتُ ليَنالوا دَرجةَ الشُّهداءِ المُقبِلينَ على القِتالِ مُحتسِبينَ، ويَكونونَ أفضَلَ من المُوَلِّينَ، ولأنَّه يَجوزُ أنْ يَغلِبوا أيضًا؛ فإنَّ اللهَ تَعالى يَقولُ: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)[البقرة: ٢٤٩] (١).

ورَوى مُسلِمٌ في صَحيحِه عن صُهَيبٍ في قِصةِ أصحابِ الأُخدودِ وفيه: « … فجيءَ بالراهِبِ فقيلَ له: ارجِعْ عن دينِكَ، فأبَى، فدَعا بالمِئشارِ فوضَع المِئشارَ في مَفرِقِ رَأسِه فشَقَّه حتى وقَعَ شِقَّاهُ، ثم جيءَ بجَليسَ المَلكِ فقيلَ له: ارجِعْ عن دينِكَ، فأبَى، فوضَعَ المِئشارَ في مَفرِقِ رَأسِه فشَقَّه به حتى وقَعَ شِقَّاهُ، ثم جيءَ بالغُلامِ فقيلَ له: ارجِعْ عن دينِكَ، فأبَى، فدفَعَه إلى نَفرٍ من أَصحابِه فقالَ: اذهَبوا به إلى جَبلِ كذا وكذا فاصْعَدوا به الجَبلَ، فإذا بَلَغتم ذُروَتهُ؛ فإنْ رجَعَ عن دينِه وإلا فاطرَحوهُ، فذَهَبوا به فصَعِدوا به الجَبلَ فقالَ: اللَّهمَّ اكفِنيهم بما شِئتَ. فرجَفَ بهم الجَبلُ فسَقَطوا، وجاءَ


(١) «المغني» (٩/ ٢٥٥)، و «الكافي» (٤/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>