للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الشافِعيةُ: ومَن دخَلَ رَسولًا أو لسَماعِ القُرآنِ فهو آمِنٌ، لا مَنْ دخَلَ لتِجارةٍ فليسَ آمِنًا، فلو أخبَره مُسلِمٌ أنَّ الدُّخولَ للتِّجارةِ أمانٌ؛ فإنْ صدَّقَه بُلِّغ المأمَنَ ولا يُغتالُ، وكذا لو سمِعَ مُسلمًا يَقولُ: مَنْ دخَلَ تاجِرًا فهو آمِنٌ، فدخَلَ، وقالَ: ظَنَنْتُ صِحَّتَه، لا يُغتالُ، وإنْ لم يُصدِّقْه اغتِيلَ، وكذا يُغتالُ إنْ لم يُخبِرْه مُسلِمٌ، وإنْ ظنَّ أنَّ الدُّخولَ لها أمانٌ إذ لا مُستنَدَ لظَنِّه، ولِلإمامِ لا للآحادِ جَعلُ الدُّخولِ للتِّجارةِ أمانًا إنْ رأى في الدُّخولِ لها مَصلَحةً، فإذا قالَ: مَنْ دخَلَ تاجِرًا فهو آمِنٌ جاز واتُّبعَ، ومِثلُه لا يَصحُّ من الآحادِ.

ولا تَجِبُ إجابةُ من طلَبَ الأمانَ إلا إذا طلَبَه لسَماعِ كَلامِ اللهِ تَعالى، فتَجِبُ قَطعًا، ولا يُمهَلُ أربَعةَ أشهُرٍ، بل قَدْرَ ما يَتمُّ به البَيانُ (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وإذا دخَلَ حَربيٌّ دارَ الإسلامِ بغيرِ أمانٍ نُظِر؛ فإنْ كانَ معه مَتاعٌ يَبيعُه في دارِ الإسلامِ وقد جرَت العادةُ بدُخولِهم إلينا تُجَّارًا بغيرِ أمانٍ لم يُعرَضْ لهم.

وقالَ أحمدُ: إذا ركِبَ القَومُ في البَحرِ فاستقبَلَهم فيه تُجَّارٌ مُشرِكونَ من أرضِ العَدوِّ يُريدونَ بِلادَ الإسلامِ لم يَعرِضوا لهم ولم يُقاتِلوهم، وكلُّ من دخَلَ بِلادَ المُسلِمينَ من أهلِ الحَربِ بتِجارةٍ بُويعَ ولم يُسألْ عن شَيءٍ، وإنْ لم تَكنْ معه تِجارةٌ فقالَ: جِئتُ مُستأمَنًا، لم يُقبَلْ منه، وكانَ الإمامُ مُخيَّرًا


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٧)، و «أسنى المطالب» (٤/ ٢٠٤)، و «حواشي الشرواني» (٩/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>