تَنبيهٌ: يَصحُّ إيجابُ الأمانِ بالتَّعليقِ بالغَررِ كقَولِه: إنْ جاءَ زَيدٌ فقد أمَّنتُك؛ لما مَرَّ أنَّ بِناءَ البابِ على التَّوسِعةِ، وبإشارةٍ مُفهِمةٍ ولو من ناطِقٍ كما سَيأتي في القَبولِ، فلو أشارَ مُسلِمٌ لكافرٍ فظَنَّ أنَّه أمَّنَه فجاءَنا فأنكَر المُسلِمُ أنَّه أمَّنه بها بَلَّغناه مَأمَنَه ولا نَغتالُه لعُذرِه.
فإنْ ماتَ المُشيرُ قبلَ أنْ يُبيِّنَ الحالَ فلا أمانَ ولا اغتيالَ، فيُبلَغُ المَأمَنَ وإلا اغتيلَ، ولِلإمامِ لا للآحادِ جَعلُها أمانًا إنْ رأى في الدُّخولِ لها مَصلَحةً، ولا تَجِبُ إجابةُ مَنْ طلَب الأمانَ إلا إذا طلَبَه لسَماعِ كَلامِ اللهِ تَعالى فتَجِبُ قَطعًا، ولا يُمهَلُ أربَعةَ أشهُرٍ بل قَدْرَ ما يَتمُّ به البَيانُ.
(ويُشترطُ) لصِحةِ الأمانِ (عِلمُ الكافِرِ بالأمانِ) كسائرِ العُقودِ؛ فإنْ لم يَعلَمْ فلا أمانَ له كما قالَاه، وإنْ نازَع في ذلك البُلقينيُّ، فتَجوزُ المُبادَرةُ إلى قَتلِه ولو مِنْ المُؤمِنِ، (فإنْ) علِمَ الكافِرُ بأمانِه و (رَدَّه بطَلَ) جَزمًا؛ لأنَّه عَقدٌ كالهِبةِ، (وكذا) يَبطُلُ (إنْ لم يَقبَلْ في الأصَحِّ) كغيرِه من العُقودِ، والثانِي يَكفي السُّكوتُ لبِناءِ البابِ على التَّوسِعةِ كما مَرَّ.
قالَ البُلقينيُّ وغيرُه: وهو قَضيةُ نَصِّ الشافِعيِّ؛ فإنَّه لم يَعتبِرِ القَبولَ وهو ما عليه السَّلفُ والخَلفُ، ولِما مَرَّ من بِناءِ البابِ على التَّوسِعةِ، لكنْ يُشترطُ مع السُّكوتِ ما يُشعِرُ بالقَبولِ وهو الكَفُّ عن القِتالِ كما صرَّحَ به الماوَرديُّ.
(وتَكفي) ولو مِنْ ناطِقٍ (إشارةٌ مُفهِمةٌ للقَبولِ)، لكنْ يُعتبَرُ في كَونِها كِنايةً من الأخرسِ أنْ يَختَصَّ بفَهمِها فَطِنونَ؛ فإنْ فَهِمها كلُّ أحَدٍ فصَريحةٌ كما علِمَ من الطَّلاقِ.