للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ: نَعمْ، وإنِّي أَرى أنْ يَتقدَّمَ إلى الجُيوشِ ألَّا تَقتُلوا أحَدًا أشاروا إليه بالأمانِ؛ لأنَّ الإشارةَ عِندي بمَنزِلةِ الكَلامِ، وإنَّه بَلغَني أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عَباسٍ قالَ: «ما ختَرَ قَومٌ بالعَهدِ إلا سلَّطَ اللهُ عليهم العَدوَّ».

وقالَ أبو عُمرَ: إذا كانَ دَمُ الحَربيِّ الكافِرِ يَحرُمُ بالأمانِ؛ فما ظَنُّك بالمُؤمِنِ الذي يُصبِحُ ويُمسي في ذِمةِ اللهِ كيف تَرى في الغَدرِ به والقَتلِ؟ وقد قالَ : «الإيمانُ قيَّدَ الفَتكَ، لا يَفتِكُ مُؤمِنٌ» (١).

وقالَ أيضًا: والغَدرُ أنْ يُؤمِّنَ ثم يَقتُلَ، وهذا حَرامٌ بإجماعٍ، والغَدرُ والقَتلُ سَواءٌ (٢).

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: (ويَصحُّ) إيجابُ الأمانِ (بكلِّ لفظٍ يُفيدُ مَقصودَه)، صَريحًا كأجَرتُكَ وأمَّنتُكَ، أو لا تَفزَعْ، كأنتَ على ما تُحِبُّ، أو كُنْ كما شِئتَ، (و) يَصحُّ (بكِتابةٍ) بالفَوقيةِ؛ لأثَرٍ فيه عن عُمرَ ، ولا بدَّ من النِّيةِ؛ لأنَّها كِنايةٌ، أو لا تَخَفْ أو لا بأسَ عليكَ أو أنتَ آمِنٌ أو في أمانِي أو أنتَ مُجارٌ، ولا فَرقَ في اللَّفظِ المَذكورِ بينَ العَربيِّ كما مَرَّ، وبينَ العَجميِّ كمُتَرَّسٍ، أي: لا تَخفْ، أو بكِنايةٍ مع النِّيةِ، (ورِسالةٍ)؛ لأنَّها أقوى من الكِتابةِ، سَواءٌ كانَ الرَّسولُ مُسلمًا أو كافرًا؛ لأنَّ بِناءَ البابِ على التَّوسِعةِ في حَقنِ الدَّمِ، ومُقتَضى هذا جَوازُ الرَّسولِ صَبيًّا، لكنْ لا بدَّ من تَكليفِه كالمُؤمِنِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٦٩)، وأحمد (١٤٣٣).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ٣٣، ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>