للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ ماتَ المُسلِمُ أو غابَ؛ فإنَّهم يُردُّونَ إلى مَأمَنِهم، وبهذا قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وابنُ المُنذِرِ.

فإنْ قيلَ: وكيف صَحَّحتُم الأمانَ بالإشارةِ مع القُدرةِ على النُّطقِ بخِلافِ البَيعِ والطَّلاقِ والعِتقِ؟

قُلنا: تَغليبًا لحَقنِ الدَّمِ كما حُقِنَ دَمُ مَنْ له شُبهةُ كِتابٍ تَغليبًا لحَقنِ دَمِه، ولأنَّ الكُفارَ في الغالِبِ لا يَفهَمون كَلامَ المُسلِمينَ، ولأنَّ المُسلِمينَ لا يَفهَمون كَلامَهم، فدَعَت الحاجةُ إلى التَّكليمِ بالإشارةِ بخِلافِ غيرِه (١).

وقالَ ابنُ المُنذِرِ: وقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ: الإشارةُ بالأمانِ أمانٌ، غيرَ أنَّ الشافِعيَّ قالَ: فإنْ قالَ: لم أُؤمِّنْهم بها، فالقَولُ قَولُه، وإنْ ماتَ قبلَ أنْ يَقولَ شَيئًا فليسُوا بآمِنينَ، إلا أنْ يُجدِّدَ لهم الوالي أمانًا، وعلى الوالي إذا ماتَ قبلَ أنْ يُبيِّنَ، أو قالَ: وهو حَيٌّ لم أُؤمِّنْهم أنْ يَرُدَّهم إلى مأمَنِهم ويَنبِذَ إليهم. قالَ أبو بَكرٍ: الإشارةُ بالأمانِ إذا فُهِمت عن المُشيرِ يَقومُ مَقامَ الكَلامِ، استِدلالًا بأنَّ رَسولَ اللهِ قد أشارَ إلى الذين كانُوا خَلفَه في الصَّلاةِ بالقُعودِ فقَعَدوا (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وسُئلَ مالِكٌ عن الإشارةِ بالأمانِ أهي بمَنزِلةِ الكَلامِ؟


(١) «المغني» (٩/ ٢٥٧، ٢٥٨)، وينظر: «المهذب» (٢/ ٢٣٥)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٢٧٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٠٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٦٥٣).
(٢) «الأوسط» (١١/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>