للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال النَّبيُّ لِمُعاذٍ لمَّا بعَثَه إلى اليَمَنِ، وكان هذا في آخرِ عَهدِ النَّبيِّ : «أَعلِمهُم أَنَّ اللَّهَ افتَرَضَ عليهم خَمسَ صَلواتٍ في كلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ» (١). ولو كان الوِترُ واجِبًا لَصارَ المَفروضُ سِتَّ صَلواتٍ في كلِّ يَومٍ ولَيلةٍ، ولأنَّ عَلَاماتِ السُّننِ فيها ظاهِرةٌ؛ فإنَّها تُؤدَّى تَبَعًا لِلعِشاءِ، والفَرضُ ما لا يَكونُ تَبَعًا لِفَرضٍ آخرَ، وليس لها أذانٌ، ولا إقامةٌ، ولا جَماعةٌ، ولِفرائِضِ الصَّلواتِ أذانٌ، وإقامةُ جَماعةٍ، وهذا مِنْ أماراتِ السُّننِ (٢).

وذَهب الإمامُ أبو حَنيفةَ وأبو بَكرِ بنُ جَعفَرٍ مِنْ الحَنابِلةِ إلى أنَّ الوِترَ واجِبٌ، وليس بفَرضٍ؛ لأنَّه لا يكفرُ جاحِدُه، واستُدلَّ له برِاويةِ خارِجةَ بنِ حُذافةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «إنَّ اللهَ تَعالَى زادَكُم صَلاةً، أَلَا وَهي الوِترُ؛ فَصَلُّوهَا ما بينَ العِشاءِ إلى طُلُوعِ الفَجرِ» (٣).


(١) رواه البُخاري (١٣٣١)، ومُسلم (١٩).
(٢) «بَدائع الصَّنائع» (١/ ٢٧٠، ٢٧١)، و «معاني الآثار» (٢/ ٢٢٢، ٢٢٥)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١٦٨)، و «العناية» (٢/ ١٨١)، و «الاستذكار» (٢/ ١١٤، ١١٥)، و «التَّمهيد» (٢٣/ ٢٨٨)، و «شَرح ابن بطال» (٢/ ٥٨٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٣٢)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٢٧٨، ٢٨٠)، و «حِلية العلماء» (٢/ ١١٤)، و «المجموع» (٥/ ٣٤، ٣٩)، و «شرح مسلم» (٥/ ٢١١)، و «فتح الباري» (٢/ ٤٨٩)، و «المغني» (٢/ ٣٥٦، ٣٥٨)، و «فتح الباري» لابن رجب (٦/ ٢١١، ٢٦٦)، و «المُبدع» (٢/ ٣)، و «كشاف القناع» (١/ ٤١٥).
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (١٤١٨)، وابن ماجه (١١٦٨)، وغيرُهما بلفظ: خَرَجَ علينا رَسولُ اللهِ فقالَ: «إِنَّ اللهَ ﷿ قد أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ، وَهِيَ خَيرٌ لَكُمْ مِنْ حُمرِ النَّعَمِ، وَهِيَ الوِترُ؛ فَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا بَينَ العِشَاءِ إلى طُلُوعِ الفَجرِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>