للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على العِبادِ، فَمَنْ جاءَ بِهنَّ لم يُضَيِّع مِنهُنَّ شَيئًا استِخفَافًا بِحقِّهِنَّ، كانَ له عندَ اللهِ عَهدٌ أَنْ يُدخِلَه الجَنَّةَ، وَمَنْ لم يَأتِ بِهنَّ فليس له عندَ اللهِ عَهدٌ، إن شَاءَ عَذَّبَه، وَإِنْ شَاءَ أَدخَلَه الجَنَّةَ» (١).

وقال عَلِيٌّ : الوِترُ ليس بِحَتمٍ كَصَلاتِكُمُ المَكتُوبَةِ، وَلَكِن سَنَّ رَسولُ اللهِ وقالَ: «إِنَّ اللهَ وِترٌ يُحِبُّ الوِترَ، فَأَوتِرُوا يا أَهلَ القُرآنِ» (٢).

وبقولِ النَّبيِّ لمَّا سألَه الأعرابيُّ عمَّا فَرَضَ اللهُ عليه في اليَومِ واللَّيلةِ؟ فقال: خَمسُ صَلواتٍ. فقال: هل عَلَيَّ غيرُها؟ قال: «لَا؛ إِلَّا أَنْ تطوَّعَ» (٣)؛ وهذا تَصريحٌ بأنَّه لا يَأثَمُ بتَركِ غيرِ الخَمسةِ.

قالوا: ولأنَّه يَجوزُ فِعلُه على الرَّاحِلةِ مِنْ غيرِ ضَرورةٍ، فلَم يكن واجِبًا كالسُّننِ، وقد رَوى ابنُ عمرَ: «أنَّ النَّبيَّ كان يُوتِرُ على بَعِيرِهِ». (٤) مُتفقٌ عَلَيه، وقال: «كانَ رَسولُ اللهِ يُسبِّحُ على الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ وَجهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عليها، غيرَ أَنَّه لَا يُصلِّي عليها المَكتُوبَةَ» (٥)، فلو كان واجِبًا لَمَا صلَّاه على الرَّاحِلةِ كالفَرائِضِ. فبانَ بذلك أنَّه نافِلةٌ وسُنَّةٌ؛ لِإجماعِهم على أنَّه لا يَجوزُ ذلك في المَكتوبةِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مالِك في «الموطأ» (٢٦٨)، وأبو داود (٤٢٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه التِّرمذي (٤٥٣)، وابنُ ماجه (١١٦٩).
(٣) رواه البُخاري (٤٦)، ومُسلم (١١).
(٤) رواه البُخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٧٠٠)، واللَّفظ له.
(٥) رواه البُخاري (١٣٣١)، ومُسلم (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>