للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستِدلالُ به مِنْ وجهَينِ:

أحدُهما: أنَّه أمرَ بها، ومُطلَقُ الأمرِ لِلوُجوبِ.

والآخَرُ: أنَّه سَمَّاها زِيادةً، والزِّيادةُ على الشَّيءِ لا تُتصوَّرُ إلَّا مِنْ جِنسِه، فأمَّا إذا كان غيرَه فإنَّه يَكونُ قِرَانًا، لا زيادةً، ولأنَّ الزيادةَ إنَّما تُتصَوَّرُ على المُقدَّرِ، وهو الفَرضُ، فأمَّا النَّفلُ فليس بمُقدَّرٍ، فلا تَتحقَّقُ الزِّيادةُ عليه، ولا يُقالُ: إنَّها زيادةٌ على الفَرضِ، لكِن في الفِعلِ، لا في الوُجوبِ؛ لأنَّهم كانوا يَفعلونَها قبلَ ذلك، ألَا تَرى أنَّه قال: ألَا وهي الوِترُ؟ ذكرَها مُعرَّفةً بحَرفِ التَّعريفِ، ومِثلُ هذا التَّعريفِ لا يَحصلُ إلا بالعَهدِ؛ ولِذا لم يَستَفسِروها، ولو لم يكن فِعلُها مَعهودًا لاستَفسَروا، فدلَّ على أنَّ ذلك في الوُجوبِ، لا في الفِعلِ، ولا يُقالُ: إنَّها زِيادةٌ على السُّننِ؛ لأنَّها كانت تُؤدَّى قبلَ ذلك بطَريقةِ السُّنةِ.

ورُويَ عن عائِشةَ عن النَّبيِّ قالَ: «أَوتِرُوا يا أَهلَ القُرآنِ؛ فَمَنْ لم يُوتِر فليس مِنَّا» (١)، ومُطلَقُ الأمرِ لِلوُجوبِ، وكذا التَّوعُّدُ على التَركِ دَليلُ الوُجوبِ، ورُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «الوِترُ حَقٌّ واجِبٌ، فَمَنْ لم يُوتِر فليس مِنَّا» (٢).

ورُويَ عن أبي حَنيفةَ أنَّه سُنَّةٌ -كما تَقدَّم-، وعنه رِوايةٌ ثالِثةٌ: أنَّه فَرضٌ، لكن قالَ ابنُ الهُمامِ : «مُرادُه بكَونِه سُنَّةً: أنَّه ثَبت بالسُّنةِ،


(١) هذا الحديث حديثان، رواهما أبو داود (١٤١٦، ١٤١٩)، وغيرُه، وضَعَّفَهما الشيخ الألباني ، في ضعيف أبي داود.
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (١٤١٩)، وأحمد (٥/ ٣٥٧)، وغيرُهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>