للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ رأى أنْ يَجعَلَه فَيْئًا فلا بأسَ به أيضًا، كغيرِه من الأُسراءِ، إلا أنَّ الأوْلى أنْ يَقتُلَه ههنا ليَعتبِرَ به غيرُه.

فإنْ كانَ مَكانَ الرَّجلِ امرأةٌ فلا بأسَ بقَتلِها أيضًا؛ لأنَّها قصَدَت إلحاقَ الضَّررِ بعامةِ المُسلِمينَ، ولا بأسَ بقَتلِ الحَربيةِ في هذه الحالةِ كما إذا قاتَلَت، إلا أنَّه يُكرَهُ صَلبُها؛ لأنها عَورةٌ وسَتْرُ العَورةِ أَولى.

وإنْ وجَدوا غُلامًا لم يَبلُغْ بهذه الصِّفةِ؛ فإنَّه يُجعَلَ فَيئًا ولا يُقتلُ؛ لأنَّه غيرُ مُخاطَبٍ، فلا يَكونُ فِعلُه خيانةً تَستوجِبُ القَتلَ بها بخِلافِ المَرأةِ، وهو نَظيرُ الصَّبيِّ إذا قاتَلَ فأُخِذ أسيرًا لم يَجزْ قَتلُه بعدَ ذلك، بخِلافِ المَرأةِ إذا قاتَلَت فأُخِذت أسِيرةً؛ فإنَّه يَجوزُ قَتلُها، والشَّيخِ الذي لا قِتالَ عِندَه ولكنَّه صَحيحُ العَقلِ بمَنزِلةِ المَرأةِ في ذلك لكَونِه مُخاطَبًا (١).

وجاءَ في «المُهذَّبِ» للإمامِ الشِّيرازيِّ من كُتُبِ الشافِعيةِ ما مُلخَّصُه: الذِّميُّ إذا فعَلَ ما فيه إضرارٌ بالمُسلِمينَ كانَ يَدُلَّ على عَوراتِهم … فإنْ لم يُشرَطِ الكَفُّ عن ذلك في العَقدِ لم يَنتقِضْ عَهدُه؛ لبَقاءِ ما يَقتَضي العَقدَ من التِزامِ أداءِ الجِزيةِ والتِزامِ أحكامِ المُسلِمينَ والكَفِّ عن قِتالِهم.

وإنْ شُرطَ عليه الكَفُّ عن ذلك في العَقدِ ففيه وَجهانِ:

أحدُهما: أنَّه لا يَنتقِضُ به العَقدُ؛ لأنَّه لا يَنتقِضُ به العَهدُ من غيرِ شَرطٍ فلا يَنتقِضُ به مع الشَّرطِ.

والثانِي: أنَّه يَنتقِضُ به العَهدُ.


(١) «شرح السير الكبير» (٥/ ٢٠٤١، ٢٠٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>