للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا فعَلَ ما يَنتقِضُ به العَهدُ ففيه قَولانِ:

أحدُهما: أنَّه يُرَدُّ إلى مَأمَنِه؛ لأنَّه حصَلَ في دارِ الإسلامِ بأمانٍ، فلم يَجزْ قَتلُه قبلَ الرَّدِّ إلى مَأمَنِه كما لو دخَلَ دارَ الإسلامِ صَبيٌّ بأمانٍ.

والثانِي -وهو الصَّحيحُ-: أنَّه لا يَجبُ رَدُّه إلى مَأمَنِه؛ لأنَّه مُشرِكٌ لا أمانَ له فلم يَجبْ رَدُّه إلى مَأمَنِه كالأسيرِ، فعلى هذا يَختارُ الإمامُ ما يَراه من القَتلِ والاستِرقاقِ والمَنِّ والفِداءِ كما قُلنا في الأسيرِ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وأمَّا الجاسوسُ المُعاهَدُ والذِّميُّ فقالَ مالِكٌ والأَوزاعيُّ: يَصيرُ ناقِضًا للعَهدِ؛ فإنْ رأى استِرقاقَه أرَقَّه ويَجوزُ قَتلُه، وقالَ جَماهيرُ العُلماءِ: لا يَنتقِضُ عَهدُه بذلك، قالَ أصحابُنا: إلا أنَّ يَكونَ قد شرَطَ عليه انتِقاضَ العَهدِ بذلك (٢).

وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : وأمَّا المُعاهَدُ والذِّميُّ فقالَ مالِكٌ والأَوزاعيُّ يَنتقِضُ عَهدُه بذلك، وعندَ الشافِعيةِ خِلافٌ، أمَّا لو شُرطَ عليه ذلك في عَهدِه فيَنتقِضُ اتِّفاقًا (٣).


(١) «المهذب» (٢/ ٢٥٧) بتصرف.
(٢) «شرح مسلم» (١٢/ ٦٧).
(٣) «فتح الباري» (٦/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>