للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دارِنا بغيرِ عَهدٍ ولا عَقدٍ ولا ما يُشبِهُ ذلك، فأشبَهَ اللِّصَّ الحَربيَّ، ويَختصُّ ذلك به دونَ ذُرِّيتِه؛ لأنَّ النقضَ إنَّما وُجدَ منه دونَهم فاختَصَّ به، كما لو أتى ما يُوجِب حَدًّا أو تَعزيرًا (١).

وقالَ الإمامُ الزَّركشيُّ : وأمَّا حُكمُ المَذهبِ فمُلخَّصُه أنَّ ما لزِمَ أهلَ الذِّمةِ بشَرطٍ أو بغيرِه كما هو مُقرَّرٌ في مَوضِعه يَنقسِمُ أربَعةَ أقسامٍ … ثم قالَ: والثالِثُ: ما يَنتقِضُ به على المَنصوصِ والمُختارِ للأصحابِ، وإنْ لم يُشترطْ عليهم، كما إذا فتَنَ المُسلِمَ عن دِينِه أو قتَلَه أو قطَعَ الطَّريقَ عليه أو زَنى بمُسلِمةٍ أو قامَ بالتَّجسُّسِ للكُفارِ أو بإيواءِ جاسوسٍ، أو ذكَرَ اللهَ أو كِتابَه أو رَسولَه بسُوءٍ (٢).

وحُجةُ هذا القَولِ ما رَواه الإمامُ أبو داودَ في «سُننِه» تَحتَ عُنوانِ: بَابٌ في الجَاسُوسِ الذِّميِّ:

ثم رُوي عن حَارِثةَ بنِ مُضرِّبٍ عن فُراتِ بنِ حَيانَ: «أنَّ رَسولَ اللهِ أمَرَ بقَتلِه وكانَ عَينًا لأبي سُفيانَ، وكانَ حَليفًا لرَجلٍ مِنْ الأنصارِ فمَرَّ بحَلقةٍ من الأنصارِ، فقالَ: إنِّي مُسلِمٌ، فقالَ رَجلٌ من الأنصارِ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه يَقولُ: إنِّي مُسلِمٌ، فقالَ رَسولُ اللهِ : إنَّ منكم رِجالًا نَكِلُهم إلى إيمانِهم، منهم فُراتُ بنُ حَيانَ» (٣).

ووَجهُ الدِّلالةِ من الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ أمَرَ بقَتلِه.


(١) «المغني» (٩/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الكافي» (٤/ ٣٧٠، ٣٧١).
(٢) «شرح الزركشي» (٣/ ٢٣٠).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>