للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: «ومَن نقَضَ العَهدَ بمُخالَفةِ شَيءٍ مما صُولِحوا عليه حَلَّ دَمُه ومالُه» … وذكَرَ القاضي والشَّريفُ أبو جَعفَرٍ أنَّ الشُّروطَ قِسمانِ: أحدُهما: يَنتقِضُ العَهدُ بمُخالَفتِه وهو أحدَ عَشرَ شَيئًا: الامتِناعُ عن بَذلِ الجِزيةِ وجَري أحكامِنا عليهم إذا حكَمَ بها حاكِمٌ، والاجتِماعُ على قِتالِ المُسلِمينَ، وكذلك الزِّنا بمُسلِمةٍ وإصابَتُها باسمِ نِكاحٍ، وفَتنُ مُسلمٍ عن دِينِه، وقَطعُ الطَّريقِ عليه، وقَتلُه وإيواءُ جاسوسِ المُشرِكينَ والمُعاونةُ على المُسلِمينَ بدِلالةِ المُشرِكينَ على عَوراتِهم أو مُكاتَبتِهم، وكذلك ذِكرُ اللهِ تَعالى أو كِتابِه أو دِينِه أو رَسولِه بسُوءٍ.

فالخَصلَتان الأُولَيان يَنتقِضُ العَهدُ بهما بلا خِلافٍ في المَذهبِ، وفي مَعناهما قِتالُهم للمُسلِمينَ مُنفَرِدين أو مع أهلِ الحَربِ؛ لأنَّ إطلاقَ الأمانِ يَقتَضي ذلك، فإذا فعَلوه نَقضوا الأمانَ؛ لأنَّهم إذا قاتَلُونا لزِمَنا قِتالُهم وذلك ضِدُّ الأمانِ.

وسائِرُ الخِصالِ فيها رِوايتان:

إحداهُما: أنَّ العَهدَ يَنتَقِضُ بها سَواءٌ شُرطَ عليهم ذلك أو لم يُشترطْ.

والثانِية: لا يَنتقِضُ العَهدُ به.

ثم قالَ: وكلُّ مَوضِعٍ قُلنا: لا يَنتقِضُ عَهدُه؛ فإنَّه إنْ فعَلَ ما فيه حَدٌّ أُقيمَ عليه حَدُّه أو قِصاصُه، وإنْ لم يُوجِبْ حَدًّا عُزِّر ويُفعَلَ به ما يُكَفُّ به أمثالُه عن فِعلِه؛ فإنْ أرادَ أحَدٌ منهم فِعلَ ذلك كُفَّ عنه؛ فإنْ مانَعَ بالقِتالِ نُقِضَ عَهدُه.

ومَن حَكَمنا بنَقضِ عَهدِه منهم خُيِّر الإمامُ فيه بينَ أربَعةِ أشياءَ، هي: القَتلُ والاستِرقاقُ والفِداءُ والمَنُّ، كالأسيرِ الحَربيِّ؛ لأنَّه كافِرٌ قدِرَنا عليه في

<<  <  ج: ص:  >  >>