للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ في «مِنحِ الجَليلِ»: والمُسلِمُ العَينُ كالزِّنديقِ -أي: الذي أظهَرَ الإسلامَ وأخفى الكُفرَ- في تَعيُّنِ قَتلِه وإنْ أظهَرَ التَّوبةَ بعدَ الاطِّلاعِ عليه، وقَبولِ تَوبَتِه إنْ أظهَرَها قبلَ الاطِّلاعِ عليه (١).

القَولُ الرابِعُ: إنْ كانَت تلك عادَتَه قُتلَ وإلا فلا، وهو قَولُ عبدِ المَلكِ ابنِ الماجِشونِ من المالِكيةِ.

قالَ ابنُ العَربيِّ المالِكيُّ : وقالَ عبدُ المَلكِ -أي: ابنُ الماجِشونِ- إذا كانَت تلك عادَتَه قُتِل؛ لأنَّه جاسوسٌ (٢).

قالَ الإمامُ القُرطبيُّ : ولَعلَّ ابنَ الماجِشونِ إنَّما اتَّخذَ التَّكرارَ في هذا؛ لأنَّ حاطِبًا أُخذَ فِي أوَّلِ فِعلِه، واللهُ أعلَمُ (٣).

والقَولُ الخامِسُ: أنَّ قَتلَ الجاسوسِ المُسلِمِ جائِزٌ وليسَ بواجِبٍ، وأنَّه يَخضَعُ لاجتِهادِ الإمامِ، وهو قَولُ الإمامِ مالِكٍ وابنِ عَقيلٍ واختيارُ ابنِ القَيمِ.

قالَ ابنُ العَربيِّ : مَنْ كثُرَ تَطلُّعُه على عَوراتِ المُسلِمينَ … ويُعرِّفُ عَدوَّهم بأخبارِهم لم يَكنْ بذلك كافرًا إذا كانَ فِعلُه لغَرضٍ دُنيَويٍّ، واعتِقادُه على ذلك سَليمٌ، كما فعَلَ حاطِبُ بنُ أبي بَلتَعةَ حينَ قصَدَ بذلك اتِّخاذَ اليَدِ ولم يَنوِ الرِّدةَ عن الدِّينِ.


(١) «منح الجليل» (٣/ ١٦٣).
(٢) «أحكام القرآن» (٤/ ٢٢٥).
(٣) «تفسير القرطبي» (١٨/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>