للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدلَّ الجُمهورُ على جَوازِ المَنِّ والفِداءِ أو القَتلِ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤)[محمد: ٤].

وأنَّ النَّبيَّ مَنَّ على ثُمامةَ بنِ أُثالٍ وأبي عَزةَ الشاعِرِ وأبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ، وقالَ في أسرى بَدرٍ: «لو كانَ المُطعِمُ بنُ عَديٍّ حَيًّا ثم كلَّمنِي في هؤلاء النَّتْنى لترَكتُهم له» (١). ففي هذا الحَديثِ حُجةٌ في جَوازِ المَنِّ على الأسرى وإطلاقِهم بغيرِ فِداءٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ لا يَجوزُ في صِفتِه أنْ يُخبِرَ عن شَيءٍ لو وقَعَ لفَعلَه وهو غيرُ جائِزٍ.

وأمَّا فِداؤُه فقد فادَى أُسارى بَدرٍ، وكانُوا ثَلاثةً وسَبعينَ رَجلًا، كلُّ رَجلٍ منهم بأربَعِمئةٍ، وفادَى يَومَ بَدرٍ رَجلًا برَجلَينِ، وصاحِبَ العَضباءِ برَجلَينِ.

وأمَّا القَتلُ؛ فلأنَّ النَّبيَّ قتَلَ رِجالَ بَني قُريظةَ، وهُم بينَ السِّتِّمئةِ والسَّبعِمئةِ، وقتَلَ يَومَ بَدرٍ النَّضرَ بنَ الحارِثِ، وعُقبةَ بنَ أبي مُعَيطٍ صَبرًا، وقتَلَ أبا عَزةَ يَومَ أُحدٍ، وهذه قِصصٌ عَمَّت واشتُهِرت، وفعَلَها النَّبيُّ مَرَّاتٍ، وهو دَليلٌ على جَوازِها.

ولأنَّ كلَّ خَصلةٍ من هذه الخِصالِ قد تَكونُ أصلَحَ في بعضِ الأسرى؛ فإنَّ منهم مَنْ له قُوةٌ ونِكايةٌ في المُسلِمينَ، ويَكونُ بَقاؤُه ضَرَرًا عليهم، فقَتلُه


(١) رواه البخاري (٢٩٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>