للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوي عن صالِحِ بنِ كَيسانَ عن مُحمدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ عن أبيه عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ أنَّه سمِعَ أبا بَكرٍ الصِّديقَ يَقولُ: «وَدِدتُ أنِّي يَومَ أتَيتُ بالفُجاءةِ لم أكُنْ أحرَقتُه، وكُنتُ قتَلتُه سَريحًا، أو أطلَقتُه نَجيحًا»، وعن أبي موسى أنَّه قتَلَ دِهقانَ السوسِ بعدَما أعطاه الأمانَ على قَومٍ سَمَّاهم ونَسيَ نَفسَه فلم يُدخِلْها في الأمانِ، فقتَلَه، فهذه آثارٌ مُتواتِرةٌ عن النَّبيِّ وعن الصَّحابةِ في جَوازِ قَتلِ الأسيرِ وفي استِبقائِه، واتَّفقَ فُقهاءُ الأمصارِ على ذلك (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : أمَّا قَتلُ الأسيرِ واستِرقاقُه فلا أعلَمُ فيه خِلافًا (٢).

إلا أنَّ العُلماءَ قد اختَلفُوا في الأسيرِ هل يَجوزُ المَنُّ عليه وفِداؤُه أو لا يَجوزُ إلا قَتلُه أو استِرقاقُه؟

فذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الإمامَ مُخيَّرٌ في الأسرى بحسَبِ الاجتِهادِ في مَصالحِ المُسلِمينَ، إمَّا بالقَتلِ وإمَّا بالمَنِّ وإمَّا بالفِداءِ بحسَبِ ما يُرى في الأسرى من مَصلَحةِ المُسلِمينَ.

والمَنُّ: هو إطلاقُ سَراحِهم دونَ مُقابِلٍ.

والفِداءُ: قد يَكونُ بالمالِ، وقد يَكونُ بأسرى من المُسلِمينَ.


(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ٢٦٩، ٢٧٠).
(٢) «الصارم المسلول» (٢/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>