فلمَّا كانُوا سَواءً في الكُفرِ الذي به حلَّت دِماؤُهم، وتَناوَلهم عُمومُ القُرآنِ والسُّنةِ بذلك من غيرِ تَفريقٍ؛ وجَبَ استِواؤُهم في القَتلِ المَشروعِ في أهلِ الكُفرِ.
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ومَن قاتَلَ مِنْ هؤلاء النِّساءِ والمَشايِخِ والرُّهبانِ في المَعركةِ قُتلَ، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا، وبهذا قالَ الأَوزاعيُّ والثَّوريُّ واللَّيثُ والشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرأيِ (١).
وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: وأمَّا الراهِبُ الذي يُعاوِنُ أهلَ دِينِه بيَدِه ولِسانِه مِثلَ أنْ يَكونَ له رأيٌ يَرجِعونَ إليه في القِتالِ أو نَوعٌ من التَّحضيضِ فهذا يُقتَلُ باتِّفاقِ العُلماءِ إذا قُدرَ عليه، وتُؤخذُ منه الجِزيةُ، وإنْ كانَ حَبيسًا مُنفرِدًا في مُتعبَّدِه، فكيف بمَن هم كسائرِ النَّصارى في مَعايِشِهم ومُخالَطتِهم الناسَ واكتِسابِ الأموالِ بالتِّجاراتِ والزِّراعاتِ والصِّناعاتِ واتِّخاذِ الدِّياراتِ الجامِعاتِ لغيرِهم، وإنَّما تَميَّزوا على غيرِهم بما يُغلِّظُ كُفرَهم ويَجعَلُهم أئِمةً في الكُفرِ مِثلَ التَّعبُّدِ بالنَّجاساتِ وتَركِ النِّكاحِ واللَّحمِ واللِّباسِ الذي هو شِعارُ الكُفرِ، لا سيَّما وهُم الذين يُقيمون دِينَ النَّصارى بما يُظهِرونه من الحيلَ الباطِلةِ التي صنَّفَ الفُضلاءُ فيها مُصنَّفاتٍ، ومِن العِباداتِ الفاسِدةِ وقَبولِ نُذورِهم وأوقافِهم.
والراهِبُ عندَهم شَرطُه تَركُ النِّكاحِ فقَط، وهُم مع هذا يُجوِّزونَ أنْ يَكونَ بَتركًا وبَطرقًا وقِسِّيسًا وغيرَهم من أئِمةِ الكُفرِ الذين يَصدُرونَ عن