للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ولو قُتلَ واحِدٌ ممَّن ذكَرْنا أنَّه لا يَحِلُّ قَتلُه فلا شَيءَ فيه مِنْ دِيةٍ ولا كَفارةٍ إلا التَّوبةَ والاستِغفارَ؛ لأنَّ دَمَ الكافِرِ لا يُتقوَّمُ إلا بالأمانِ، ولمْ يُوجَدْ (١).

وقالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : ومَن قتَلَ أحَدًا من هؤلاء قبلَ وُجودِ القِتالِ منه فلا كَفارةَ عليه ولا دِيةَ؛ لأنَّ وُجوبَهما باعتِبارِ العِصمةِ والتَّقوُّمِ في المَحَلِّ، وذلك بالدِّينِ أو بالدارِ، ولم يُوجَدَ واحِدٌ منهما، وإنَّما حرُمَ قَتلُهم لتَوفيرِ المَنفَعةِ على المُسلِمينَ، أو لانعدامِ العِلةِ المُوجِبةِ للقَتلِ، وهي المُحارَبةُ، لا لوُجودِ عاصِمٍ أو مُقوِّمٍ في نَفسِه، فلِهذا لا يَجبُ على القاتِلِ الكَفارةُ والدِّيةُ.

وإلى هذا أشارَ رَسولُ اللهِ في حَديثٍ بقَولِه: «هم منهم»، يَعني أنَّ ذَراريَّ المُشرِكينَ منهم في أنَّه لا عِصمةَ لهم ولا قيمةَ لذِمتِهم (٢).

وقالَ سحنُونٌ : مَنْ قتَلَ مَنْ نُهِي عن قَتلِه من صَبيٍّ أو امرأةٍ أو شَيخٍ هَرِمٍ؛ فإنْ قتَله في دارِ الحَربِ قبلَ أنْ يَصيرَ في المَغنَمِ فليسَتغفِرِ اللهَ، وإنْ قتَله بعدَ أنْ صارَ مَغنَمًا فعليه قيمَتُه، يُجعَلَ ذلك في المَغنَمِ كمَن لم تَبلُغْه دَعوةٌ (٣).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأمَّا قَتلُ نِساءِ أهلِ الحَربِ وصِبيانِهم فلا كَفارةَ فيه؛ لأنَّه ليسَ لهم أيمانٌ ولا أمانٌ، وإنَّما مُنِع مِنْ قَتلِهم لانتِفاعِ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٠١).
(٢) «شرح السير الكبير» (٤/ ١٤١٦).
(٣) «مواهب الجليل» (٣/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>