للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يُقتَلُ زَمِنٌ ولا أعمَى ولا راهِبٌ، والخِلافُ فيهم كالخِلافِ في الشَّيخِ وحُجَّتُهم ههنا حُجَّتُهم فيه.

ولنا: في الزَّمِنِ والأعمى أنَّهما ليسَا مِنْ أهلِ القِتالِ فأشبَها المَرأةَ وفي الراهِبِ ما رُوي في حَديثِ أبي بَكرٍ الصِّديقِ أنَّه قالَ: «وستَمرُّون على أقوامٍ في الصَّوامِعِ قد حبَسوا أنفُسَهم فيها فدَعُوهم حتى يُميتَهم اللهُ على ضَلالِهم»، ولأنَّهم لا يُقاتِلون تَديُّنًا فأشبَهوا مَنْ لا يَقدِرُ على القِتالِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ إلى جَوازِ قَتلِ الرُّهبانِ وإنْ لم يُخالِطوا الناسَ (٢).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وأمَّا شُيوخُ الكُفارِ؛ فإنْ كانَ فيهم رأيٌ قُتِلوا، وإلا ففيهم وفي الرُّهبانِ خِلافٌ، قالَ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ: لا يُقتَلون، والأصَحُّ في مَذهبِ الشافِعيِّ قَتلُهم (٣).

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : ويَحِلُّ قَتلُ راهِبٍ وأجيرٍ ومُحترِفٍ وشَيخٍ، ولو ضَعيفًا وأعمى، وزَمِنٍ ومَقطوعِ اليَدِ والرِّجلِ وإنْ لم يَحضُروا الصَّفَّ ولا قِتالَ فيهم ولا رأيَ في الأظهَرِ؛ لعُمومِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥]، ولأنَّهم أحرارٌ مُكلَّفون فجازَ قَتلُهم كغيرِهم.

والثانِي: المَنعُ؛ لأنَّهم لا يُقاتِلون فأشبَهوا النِّساءَ والصِّبيانَ.


(١) «المغني» (٩/ ٢٥١)، و «الإنصاف» (٤/ ١٢٨)، و «الفروع» (٦/ ١٩٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٤/ ١٩٢، ٣١٠)، و «روضة الطالبين» (٢٤٣)، و «الإنجاد» ص (٢١٣)، و «المحلى» (٧/ ٢٩٩).
(٣) «شرح مسلم» (١٢/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>