للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : لا يَحِلُّ قَتلُ راهِبٍ في صَومَعةٍ ولا سائِحٍ في الجِبالِ لا يُخالِطُ الناسَ ولا قَومٍ في دارٍ أو كَنيسةٍ تَرهَّبوا وأطبِقَ عليهم البابُ، ولو قاتَلَ واحِدٌ منهم قُتِل، وكذا لو حرَّضَ على القِتالِ أو دلَّ على عَوراتِ المُسلِمينَ أو كانَ الكَفرةُ يَنتفِعونَ برأيِه أو كانَ مُطاعًا (١).

وقالَ النَّفراويُّ المالِكيُّ : «وَ» كذا يَجبُ أنْ: «يُجتنَبَ» بالبِناءِ للمَجهولِ «قَتلُ الرُّهبانِ» بالأديرةِ أو الصَّوامِعِ إذا لم يَكنْ لهم رأيٌ ولا تَدبيرٌ، بخِلافِ رُهبانِ الكَنائسِ؛ فإنَّهم يُقتَلون لمُخالَطَتِهم أهلَ دِينِهم، ولو لم يَكنْ لهم رأيٌ ولا تَدبيرٌ، وإنَّما لم تُقتَلَ الرُّهبانُ المَذكورةُ؛ لأنَّ انقِطاعَهم بالأديِرةِ والصَّوامِعِ ألحقَهم بالنِّساءِ، أمَّا لو كانَ لهم رأيٌ أو تَدبيرٌ لجازَ قَتلُهم.

وكذا يَجبُ أنْ يُجتنَبَ قَتلُ (الأحبارِ) جَمعُ «حِبْرٍ» بكَسرِ الحاءِ على اللُّغةِ الفَصيحةِ، وهم عُلماءُ الكُفارِ … ومَحَلُّ عَدمِ جَوازِ قَتلِ مَنْ ذُكِر من الرُّهبانِ والأحبارٍ والأُجَراءِ والصُّنَّاعِ «إلا أنْ يُقاتِلوا»، وإلا جازَ قَتلُهم وظاهِرُه، ولو لم يَقتُلوا أحدًا (٢).

قالَ ابنُ عَرفةَ المالِكيُّ : ليسَ النَّهيُّ عن قَتلِ الرُّهبانِ ونَحوِهم لفَضلِ تَرهُّبِهم، بل هُمْ من اللهِ أبعَدُ من غيرِهم لشِدةِ كُفرِهم، وإنَّما تُرِكوا لتَركِهم أهلَ دِينِهم فصاروا كالنِّساءِ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٠١)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٥٤).
(٢) «الفواكه الدواني» (١/ ٣٩٩).
(٣) «حاشية العدوي» (٢/ ٩)، و «حاشية الدسوقي» (٢/ ١٧٦)، و «منح الجليل» (٣/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>