وقالَ ابنُ الهُمامِ ﵀: المُرادُ بالشَّيخِ الفاني الذي لا يُقتَل: هو مَنْ لا يَقدِرُ على القِتالِ ولا الصِّياحِ عندَ التِقاءِ الصَّفَّينِ ولا على الإحبالِ؛ لأنَّه يَجيءُ منه الوَلدُ فيَكثُرُ مُحارِبُ المُسلِمينَ، ذكَرَه في الذَّخيرةِ، وذكَرَ الشَّيخُ أبو بَكرٍ الرازِيُّ في كِتابِ المُرتَدِّ من «شَرحِ الطَّحاويِّ» أنَّه إذا كانَ كامِلَ العَقلِ نَقتُلُه، ومِثلُه نَقتُلُه إذا ارتَدَّ، والذي لا نَقتُلُه الشَّيخُ الفاني الذي خرِفَ وزالَ عن حُدودِ العُقلاءِ والمُميِّزينَ، فهذا حينَئذٍ يَكونُ بمَنزِلةِ المَجنونِ فلا نَقتُلُه ولا إذا ارتَدَّ.
قالَ: وأمَّا الزَّمْنَى فهُم بمَنزِلةِ الشُّيوخِ فيَجوزُ قَتلُهم إذا رأى الإمامُ ذلك، كما يُقتَل سائِرُ الناسِ بعدَ أنْ يَكونوا عُقلاءَ، ونَقتُلُهم أيضًا إذا ارتَدُّوا (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ولا تُقتَلَ امرأةٌ ولا شَيخٌ فانٍ وبذلك قالَ مالِكٌ وأصحابُ الرأيِ، ورُوي ذلك عن أبي بَكرٍ الصِّديقِ ومُجاهِدٍ ورُوي عن ابنِ عَباسٍ في قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾، يَقولُ: لا تَقتُلوا النِّساءَ والصِّبيانَ والشَّيخَ الكَبيرَ.