الفَراغِ من القِتالِ، وهي ما بعدَ الأخْذِ والأسْرِ، أمَّا حالُ القِتالِ فلا يَحِلُّ فيها قَتلُ امرأةٍ ولا صَبيٍّ ولا شَيخٍ فانٍ ولا مُقعَدٍ ولا يابِسِ الشِّقِّ ولا أعمَى ولا مَقطوعِ اليَدِ والرِّجلِ من خِلافٍ ولا مَقطوعِ اليَدِ اليُمنى ولا مَعتوهٍ ولا راهِبٍ في صَومَعةٍ ولا سائَحٍ في الجِبالِ لا يُخالِطُ الناسَ ولا قَومٍ في دارٍ أو كَنيسةٍ تَرهَّبوا وأُطبِقَ عليهم البابُ … ولأنَّ هؤلاء ليسُوا من أهلِ القِتالِ لا يُقتَلون، ولو قاتَلَ واحِدٌ منهم قُتِل، وكذا لو حرَّضَ على القِتالِ أو دلَّ على عَوراتِ المُسلِمينَ أو كانَ الكَفرةُ يَنتفِعون برَأيِه أو كانَ مُطاعًا وإنْ كانَ امرأةً أو صَغيرًا؛ لوُجودِ القِتالِ من حيثُ المَعنى.
وقد رُوي:«أنَّ رَبيعةَ بنَ رَفيعٍ السُّلَميَّ ﵁ أدرَك دُرَيدَ بنَ الصِّمةِ يَومَ حُنَينٍ، فقتَله وهو شَيخٌ كَبيرٌ كالقُفَّةِ، لا يَنْفَعُ إلا برأيِه، فبلَغ ذلك رَسولَ اللهِ ﷺ ولم يُنكِرْ عليه».
والأصلُ فيه أنَّ كلَّ من كانَ من أهلِ القِتالِ يَحِلُّ قَتلُه، سَواءٌ قاتَلَ أو لم يُقاتلْ، وكلُّ مَنْ لم يَكنْ من أهلِ القِتالِ لا يَحِلُّ قَتلُه إلا إذا قاتَلَ حَقيقةً أو مَعنًى بالرَّأيِ والطاعةِ والتَّحريضِ وأشباهِ ذلك على ما ذكَرْنا، فيُقتَلُ القِسِّيسُ والسائِحُ الذي يُخالِطُ الناسَ والذي يُجَنُّ ويُفيقُ والأصَمُّ والأخرَسُ وأقطَعُ اليَدِ اليسَرى وأقطَعُ إحدى الرِّجلَينِ وإنْ لم يُقاتِلوا؛ لأنَّهم من أهلِ القِتالِ، ولو قُتلَ واحدٌ ممَّن ذكَرْنا أنَّه لا يَحِلُّ قَتلُه فلا شَيءَ فيه مِنْ دِيةٍ ولا كَفارةٍ إلا التَّوبةَ والاستِغفارَ؛ لأنَّ دَمَ الكافِرِ لا يُتقوَّمُ إلا بالأمانِ ولم يُوجَدْ (١).