للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] بِناءً على التَّجوُّزِ بلَفظِ (حيثُ في الزَّمانِ)، ولا شكَّ أنَّه كثُرَ في الاستِعمالِ (١).

وقالَ الإمامُ البابَرتيُّ : قالَ: (وقِتالُ الكُفارِ) الذين امتَنعوا عن الإسلامِ وأداءِ الجِزيةِ (واجِبٌ وإنْ لم يَبدَؤُوا بالقِتالِ للعُموماتِ) الوارِدةِ في ذلك، كقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٣٩] ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ [البقرة: ٢١٦] وغيرِ ذلك.

فإنْ قيلَ: العُموماتُ مُعارَضةٌ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١]؛ فإنَّه يَدلُّ على أنَّ قِتالَ الكُفارِ إنَّما يَجبُ إذا بَدؤُوا بالقِتالِ.

أُجيبَ بأنَّه مَنسوخٌ، وبَيانُه أنَّ رَسولَ اللهِ كانَ في الابتِداءِ مَأمورًا بالصَّفحِ والإعراضِ عن المُشرِكينَ بقَولِه: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر: ٨٥] ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤].

ثم أُمرَ بالدُّعاءِ إلى الدِّينِ بالمَوعِظةِ والمُجادَلةِ بالأحسَنِ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ الآيةَ [النحل: ١٢٥].

ثم أذِنَ بالقِتالِ إذا كانَت البَداءةُ منهم، بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾ الآيةَ [الحج: ٣٩]، وبقَولِه: ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١].

ثم أُمرَ بالقِتالِ ابتِداءً في بعضِ الأزمانِ بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ الآيةَ [التوبة: ٥].


(١) «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٤١، ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>