للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكُفرِهم، قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٣٩] يَعني فِتنةَ الكُفرِ، وقالَ : «أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلا اللهُ» (١).

وقالَ الكَمالُ بنُ الهُمامِ : (قَولُه: وقِتالُ الكُفارِ) الذين لم يُسلِموا، وهُم من مُشرِكي العَربِ، أو لم يُسلِموا ولم يُعطُوا الجِزيةَ مِنْ غيرِهم (واجِبٌ وإنْ لم يَبدَؤُونا)؛ لأنَّ الأدِلةَ المُوجِبةَ له لم تُقيِّدِ الوُجوبَ ببَداءَتِهم، وهذا مَعنى قَولِه: (للعُموماتِ) لا عُمومِ المُكلَّفينَ؛ لأنَّه إنَّما يُفيدُ الوُجوبَ على كلِّ واحِدٍ فقط، فالمُرادُ إطلاقُ العُموماتِ في بَداءَتِهم وعَدمِها، خِلافًا لما نُقلَ عن الثَّوريِّ.

والزَّمانُ الخاصُّ كالأشهُرِ الحُرمِ وغيرِها خِلافًا لعَطاءٍ، ولقد استبعَد ما عن الثَّوريِّ وتَمسُّكِه بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١]؛ فإنَّه لا يَخفى عليه نَسخُه.

وصَريحُ قَولِه في الصَّحيحينِ وغيرِهما: «أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يَقولوا لا إلهَ إلا اللهُ» (٢) الحَديثَ، يُوجِبُ أنْ نَبدأَهم بأدنى تأمُّلٍ، وحاصَرَ الطائِفَ لعَشرٍ بَقَيْن من ذي الحِجةِ إلى آخِرِ المُحرَّمِ أو إلى شَهرٍ.

وقد يُستدَلُّ على نَسخِ الحُرمةِ في الأشهُرِ الحُرمِ بقَولِ اللهِ تَعالى:


(١) «المبسوط» (٢٦/ ١٣٢).
(٢) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>