وقالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وجَماعةٌ: لا تُؤخذُ إلا من أهلِ الكِتابِ والمَجوسِ.
والسَّببُ في اختِلافِهم: مُعارَضةُ العُمومِ للخُصوصِ؛ أمَّا العُمومُ فقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩]. وقَولُ النَّبيِّ ﵊:«أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ مُحمدًا رَسولُ اللهِ ويُقيموا الصَّلاةَ ويُؤتوا الزَّكاةَ، فإذا فعَلوا ذلك عصَموا مِنِّي دِماءَهم وأموالَهم إلا بحَقِّ الإسلامِ وَحِسابُهم على اللهِ»(١).
وأمَّا الخُصوصُ: فقَولُه لأمَراءِ السَّرايا الذين كانَ يَبعَثَهم إلى مُشرِكي العَربِ -ومَعلومٌ أنَّهم كانُوا من غيرِ أهلِ كِتابٍ-: «اغْزُوا باسمِ اللهِ في سَبيلِ اللهِ، قاتِلوا مَنْ كفَر باللهِ، اغزُوا ولا تَغُلُّوا ولا تَغدِروا ولا تُمثِّلوا ولا تَقتُلوا وَليدًا، وإذا لقيت عَدوَّك من المُشرِكينَ فادْعُهم إلى ثَلاثِ خِلالٍ، فأيَّتَهُنَّ ما أَجابوكَ إليها فاقبَلْ منهم، وكُفَّ عنهم؛ ثم ادْعُهم إلى الدُّخولِ في الإسلامِ؛ فإنْ فعَلوا فاقبَلْ منهم، وكُفَّ عنهم، ثم ادْعُهم إلى التَّحوُّلِ عن دارِهم إلى