للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: لا يَجوزُ أخْذُ الجِزيةِ ممَّن لا كِتابَ له ولا شُبهةَ كِتابٍ، كعَبدةِ الأوثانِ، بل يُقاتَلَون حتى يُسلِموا؛ لقَولِه ﷿: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)[التوبة: ٢٩] فخَصَّ أهلَ الكِتابِ بالجِزيةِ فدلَّ على أنَّها لا تُؤخذُ من غيرِهم، ويَجوزُ أخْذُها مِنْ أهلِ الكِتابَينِ -وهُم اليَهودُ والنَّصارى-للآيةِ.

ويَجوزُ أخْذُها ممَّن بدَّل منهم دِينَه؛ لأنَّه -وإنْ لم تَكنْ لهم حُرمةٌ بأنفُسِهم- لهم حُرمةٌ بآبائِهم، ويَجوزُ أخْذُها من المَجوسِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا تُقبَلُ الجِزيةُ إلا مِنْ يَهوديٍّ أو نَصرانِيٍّ أو مَجوسيٍّ، وما سِواهم لا يُقبَلُ منهم، لا تُقبَلُ منهم الجِزيةُ ولا يُقبَلُ منهم إلا الإسلامُ؛ فإنْ لم يُسلِموا قُتِلوا.

قالَ ابنُ قُدامةَ : هذا ظاهِرُ مَذهبِ أحمدَ، ورَوى عنه الحَسنُ بنُ ثَوابٍ أنَّها تُقبَلُ من جَميعِ الكُفارِ إلا عَبدةَ الأوثانِ من العَربِ؛ لأنَّ حَديثَ بُرَيدةَ يَدلُّ بعُمومِه على قَبولِ الجِزيةِ مِنْ كلِّ كافرٍ، إلا أنَّه خرَجَ منه عَبدةُ الأوثانِ من العَربِ لتَغلُّظِ كُفرِهم (٢).


(١) «المهذب» (٢/ ٢٥٠)، و «مختصر خلافيات البيهقي» (٥/ ٥٩)، و «الحاوي الكبير» (١٤/ ١٥٣).
(٢) «المغني» (١٢/ ٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>