للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : حُكمُ ما لو دخَلَ قَومٌ لا مَنَعةَ لهم دارَ الحَربِ فغَنِموا.

إذا دخَلَ قَومٌ لا مَنَعةَ لهم دارَ الحَربِ بغيرِ إذْنِ الإمامِ فغَنِموا فعن أحمدَ فيه ثَلاثُ رِواياتٍ:

إحداها: أنَّ غَنيمَتَهم كغَنيمةِ غيرِهم يُخمِّسُها الإمامُ ويُقسِّمُ باقيَه بينَهم، وهذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، منهم الشافِعيُّ؛ لعُمومِ قَولِه سُبحانَه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] الآيةَ، والقياسُ على ما إذا دخَلوا بإذْنِ الإمامِ.

والثانِيةُ: هو لهم من غيرِ أنْ يُخمَّسَ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّه اكتِسابُ مُباحٍ من غيرِ جِهادٍ، فكانَ لهم أشبَهَ بالاحتِطابِ؛ فإنَّ الجِهادَ إنَّما يَكونُ بإذنِ الإمامِ أو مِنْ طائِفةِ لهم مَنَعةٌ وقُوةٌ، فأمَّا هذا فتَلصُّصٌ وسَرِقةٌ ومُجرَّدُ اكتِسابٍ.

والثالِثةُ: أنَّه لا حَقَّ لهم فيه، قالَ أحمدُ في عَبدٍ أبَقَ إلى الرُّومِ ثم رجَعَ ومعه مَتاعٌ: فالعبدُ لمَولاه وما معه من المَتاعِ والمالِ للمُسلِمينَ؛ لأنَّهم عُصاةٌ بفِعلِهم، فلم يَكنْ لهم فيه حَقٌّ، والأُولَى أوْلَى، قالَ الأَوزاعيُّ: لما قفَلَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ بالجَيشِ الذي كانَ مع مَسلَمةَ كُسرَ مَركَبُ بَعضِهم، فأخَذَ المُشرِكونَ ناسًا من القِبطِ، فكانُوا خَدمًا لهم، فخرَجُوا يَومًا إلى عيدٍ لهم وخَلَّفوا القِبطَ في مَركَبِهم وشَربَ الآخَرونَ ورفَعَ القِبطُ القَلعَ وفي المَركَبِ مَتاعُ الآخَرينَ وسِلاحُهم، فلم يَضَعوا قَلعَهم حتى أتَوْا بَيروتَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>