للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، لما في التأخيرِ من الضَّررِ، وحينَئذٍ لا يَجوزُ التَّخلُّفُ لأحدٍ إلا مَنْ يُحتاجُ إلى تَخلُّفِه لحِفظِ المَكانِ والأهلِ والمالِ ومَن لا قُوةَ له على الخُروجِ.

ومَن يَمنعُه الإمامُ (أو) يَجِدونَ (فُرصةً يَخافونَ فَوتَها) إنْ تَرَكوها حتى يَستأذِنُوا الأميرَ؛ فإنَّ لهم الخُروجَ بغيرِ إذْنِه لئلَّا تَفوتَهم، ولأنَّه إذا حضَرَ العَدوُّ صار الجِهادُ فَرضَ عَينٍ فلا يَجوزُ التَّخلُّفُ عنه، ولذلك لمَّا أغارَ الكُفارُ على لقَاحِ النَّبيِّ وصادَفَهم سَلمةُ بنُ الأكوَعِ خارجَ المَدينةِ تَبِعهم وقاتلَهم من غيرِ إذْنٍ فمدَحَه النَّبيُّ وقالَ: خَيرُ رَجَّالتِنا سَلمةُ بنُ الأكوَعِ وأعطاه سَهمَ فارِسٍ وراجِلٍ (١).

قالَ الإمامُ المِرداويُّ : قَولُه: «ولا يَجوزُ الغَزوُ إلا بإذْنِ الأميرِ إلا أنْ يَفجَأَهم عَدوٌّ يَخافونَ كلَبَه» هذا المَذهبُ، نَصَّ عليه وعليه أكثَرُ الأصحابِ، وجزَمَ به في الوَجيزِ وغيرِه وقدَّمَه في الفُروعِ وغيرِه.

وقالَ المُصنِّفُ في «المُغني»: يَجوزُ إذا حصَلَ للمُسلِمينَ فُرصةٌ يُخافُ فَوتُها، وجزَمَ به في الرِّعايةِ الكُبرى والنَّظمِ.

وقالَ في الرَّوضةِ: اختَلفَت الرِّوايةُ عن أحمدَ فعنه: لا يَجوزُ.

وعنه: يَجوزُ بكلِّ حالٍ ظاهِرًا وخُفيةً جَماعةً وآحادًا جَيشًا أو سَريةً.

وقالَ القاضي في الخِلافِ: الغَزوُ لا يَجوزُ أنْ يُقيمَه كلُّ أحَدٍ على الانفِرادِ ولا دُخولُ دارِ الحَربِ بلا إذْنِ الإمامِ، ولهم فِعلُ ذلك إذا كانُوا عُصبةً لهم مَنَعةٌ (٢).


(١) «كشاف القناع» (٣/ ٧٢، ٧٣)، و «المغني» (٩/ ١٧٤).
(٢) «الإنصاف» (٤/ ١٥١، ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>