للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرتزَقةُ فلا يَجوزُ لهم ذلك؛ لأنَّهم مُرصَدونَ لمُهمَّاتٍ تَعرِضُ للإسلامِ يَصرِفُهم فيها الإمامُ، فهُم بمَنزِلةِ الأُجراءِ.

تَنبيهٌ: استَثنَى البُلقَينيُّ من الكَراهةِ صُورًا:

إحداها: أنْ يَفوتَه المَقصودُ بذَهابِه للاستِئذانِ.

ثانيتها: إذا عطَّل الإمامُ الغَزوَ وأقبَل هو وجُنودُه على أُمورِ الدُّنيا كما يُشاهَدُ.

ثالثتُها: إذا غلَبَ على ظَنِّه أنَّه لو استأذَنه لم يَأذَنْ له (١).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجبُ إذْنُ الإمامِ في الغَزوِ.

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : وأمْرُ الجِهادِ مَوكولٌ إلى الإمامِ واجتِهادِه، ويَلزمُ الرَّعيةَ طاعَتُه فيما يَراه من ذلك … ؛ فإنْ عُدمَ الإمامُ لم يُؤخَّرِ الجِهادُ؛ لأنَّ مَصلَحتَه تَفوتُ بتأخيرِه، وإنْ حصَلَت غَنيمةٌ قسَّمها أهلُها على مُوجِبِ الشَّرعِ (٢).

وقالَ الإمامُ البُهوتيُّ : (ولا يَجوزُ الغَزوُ إلا بإذنِ الأميرِ)؛ لأنَّه أعرَفُ بالحَربِ، وأمرُه مَوكولٌ إليه، ولأنَّه إذا لم تَجُزِ المُبارَزةُ إلا بإذْنِه فالغَزوُ أوْلى.

(إلا أنْ يَفجَأَهم) أي: يَطلُعَ عليهم بَغتةً (عَدوٌّ يَخافونَ كَلَبَه) بفَتحِ ا لكافِ واللَّامِ، أي: شَرَّه وأذاه (بالتَّوقُّفِ على الإذْنِ)؛ لأنَّ الحاجةَ تَدعو


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٢٠).
(٢) «المغني» (٩/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>